للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم اهتمامهم بالدعوة إلى التوحيد]

إذاً: تركهم الفقهيات لأنها تفرق، أنا أقولها صراحة وأرجو عدم المؤاخذة؛ لأن الحق أحق أن يقال: هذا عذر أقبح من ذنب، لماذا؟ لأنه أولاً: لا يعبر عن السبب الحقيقي، وثانياً: لابد من التفريق بين الحق والباطل، بين الصواب والخطأ، وبخاصة ما كان من ذلك متعلقاً بالعقيدة، وهم كما تسمعون -كما في الفقرة الثانية- يعدونها خلافيات هل هناك خلاف في التوحيد؟ كثير من الدكاترة يقولون: لا يوجد خلاف يا أخي، كل المسلمين يقولون: أشهد أن لا إله إلا الله، هذا صحيح، ولكن القول شيء والفهم والإيمان شيء آخر، الكافر حينما تقوم قائمة الدولة المسلمة إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، خلص رأسه من خطفه عن بدنه، لكن هل نجا بذلك من الخلود في النار؟

الجواب

الشرط الأول: أن فهم المعنى الصحيح لهذه الكلمة أولاً، ثم آمن بهذا الفهم الصحيح ثانياً؛ نجا من الخلود في النار يوم القيامة.

فهل المسلمون اليوم كل المسلمين الذين يبلغون ألف مليون أو يزيدون، هل الألف مليون يقولون: أشهد أن لا إله إلا الله؟ يمكن يكون منهم الدروز، هل هؤلاء اتفقوا على فهم هذه الكلمة فهماً صحيحاً ينجيهم من الخلود في النار يوم القيامة؟ الجواب: مع الأسف الشديد لم يتفقوا، ولذلك هم لما قالوا هذه الكلمة يعنون ما يقولون؛ لأننا إذا دخلنا في موضوع: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:١٩] فرقنا الصفوف، ونحن جماعة جمع، ولسنا جماعة تفريق، هذا لسان حالهم ومقالهم.

أما نحن معشر السلف فنقولها صراحة، ولكن قبل أن نقولها ندعم مذهبنا بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن مفرقون نفرق بين الحق والباطل، بين المحقين وبين المبطلين، ولا نساوي بين المحقين والمبطلين كما يفعل غيرنا من الآخرين.

لما كنت في دمشق كان هناك رسالة ألفها أحد شيوخ الطريقة الشاذلية، وأصله مغربي، عنوان الرسالة: لا إله إلا الله، ليس هناك أجمل من هذا، وتدخل في الداخل: لا إله إلا الله، أي: لا رب إلا الله، هكذا فسر الآية الكريمة، ولو أن كافراً قال: لا إله إلا الله بهذا المعنى الذي شرحه هذا الشاذلي ما أفاده شيئاً لا في الدنيا ولا في الأخرى، لماذا؟ لأن المشركين كانوا يقولون: لا رب إلا الله، لكنهم إذا قيل لهم: لا إله إلا الله يستكبرون، إذاً: هم بعروبتهم الأصيلة كانوا يعرفون معنى كلمة التوحيد على الوجه الصحيح، ولكن معرفتهم هذه لم تغنهم شيئاً؛ لأنهم كفروا بهذا المعنى الصحيح، وعلى العكس من ذلك؛ فبعض المسلمين حينما يقولون: لا إله إلا الله، المشركون لا يقولون: لا إله إلا الله؛ لأنهم إذا قالوا: لا إله إلا الله، نافقوا وهم يريدون أن يعلنوا، فهم يعلمون معنى (لا إله إلا الله) لذلك لا يقولون.

المسلمون لا يعلمون معنى: (لا إله إلا الله) إلا القليل منهم، ولذلك هم يقولون كلهم: لا إله إلا الله، ولكن إذا أردت أن تبين لهم أن ما يفعلونه من الإتيان إلى الأولياء والصالحين، والذبح عندهم، والنذر لهم، والحلف بهم، والصلاة عند مقابرهم إلخ، فهذا كافر بلا إله إلا الله؛ لأن معنى (لا إله إلا الله) ليس المعنى الذي ذكرناه عن الشاذلي: لا رب إلا الله، وإنما معناه: لا معبود بحق في الوجود إلا الله تبارك وتعالى، وحينما يفهم المسلم كلمة الشهادة هذه الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله) فهماً صحيحاً؛ فيجب أن يطبقه تطبيقاً صحيحاً كما فهمه فهماً صحيحاً، ومن هنا يظهر الفرق بين الذين يؤمنون بلا إله إلا الله بالمفهوم الصحيح، وبين الذين يؤمنون بلا إله إلا الله بالمفهوم غير الصحيح، تختلف تصرفاتهم في هذه الحياة.

لن تجد مؤمناً بهذه الكلمة الطيبة على المعنى الصحيح يذبح لغير الله، وينذر لغير الله، ويحلف بغير الله، ويصلي لغير الله عند قبور الأولياء والصالحين، لن تجد عند هؤلاء شيئاً من ذلك، بينما الآخرون الله أكبر!! يذهبون عند من يسمى بسيدي شعيب، وانظروا إلى النذور هناك! ومن نذر لغير الله فهو ملعون، كما قال عليه السلام: (من ذبح لغير الله فهو ملعون) كيف ملعون وهو يقول: لا إله إلا الله؟! لم يفهم لا إله إلا الله.

ولذلك فالدعوة إلى الإسلام بصورة غير مفهومة للأنام، هذه ليست دعوة الإسلام، وإنما هي دعوة إلى جانب من جوانب الإسلام.