للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم شراء سيارة بالتقسيط لعدم توفر المال النقدي]

السؤال

ما حكم من اشترى سيارة من الشركة بالتقسيط، وذلك لعدم توفر المال النقدي، والسيارة كما تعلمون هي حاجة ضرورية في هذا الزمان؟

الجواب

إذا كان السائل يعتقد معنا أن بيع التقسيط الذي يأخذ زيادة في الثمن على الحاجة رباً؛ فلا أعتقد أن هناك ضرورة لاستباحة هذا المحرم، إذا كان السائل يعتقد معنا أن هذه الزيادة رباً، -كما قال عليه السلام: (مَن باع بيعتين في بيعة فله أَوْكَسُهُما، أو رباً) فليس هناك ضرورة مطلقاً في أن يستحل المسلم أكل المال الحرام، إلا في حالة واحدة، قد لا أتصور وجودها في هذه البلاد، وذلك من فضل الله علينا وعلى الناس، وهي أن يموت جوعاً! ما سمعنا به في هذه البلاد، وإن كنا نسمع في بلاد أخرى، كـ أفريقيا، وتلك النواحي المشهورة بالمجاعات، وما ندري هل هي حقائق أم مبالغات؟ الله أعلم، لكن المهم: الضرورة التي تبيح أكل الحرام هي الضرورة التي لولاها، أو لو لم يتخذ صاحبها السبب للقضاء على لازمها، لتعرض للهلاك.

فما أعتقد أن الإنسان يضطر لأنْ يستعمل السيارة؛ سواء كانت سيارة لركوب الشخص أو العائلة، أو كانت لاستعمالها في البيع والشراء، والنقل، والحمل عليها، وما شابه ذلك.

والمسلم يجب عليه أن يضع أمام عينيه دائماً وأبداً قوله تبارك وتعالى، وأن ينطلق منه دائماً، لا يغيب عن باله وعن قلبه، وهو قوله عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:٢-٣] .

أنا أعتقد أن من مصائب العالم الإسلامي ككل: غياب الإيمان الصحيح من قلوبهم؛ لأن هذا الإيمان إذا حل في قلب أي إنسان قنع بأي عيش صعب ضنك؛ لأنه يعتقد أن الله عز وجل في تقديره على الناس الضنكَ والفقرَ، إنما هو بعدلٍ وعلمٍ، بل وبحكمةٍ.

فإذا آمن المسلم بهذه الحقيقة إيماناً جازماً فحينئذ تطيب له الحياة مهما كانت حياته صعبة؛ سواء من جهة المال، أو من قلة الصحة، أو من ضغط الطغاة والحكام الظالمين، أو من نحو ذلك، فهو يصبر ويتدرَّع بالصبر، ويتذكر قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالإضافة إلى الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:٢] {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:٣] يتذكر معها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) .

وبناء على ما سمعتم من بعض كلمات الأستاذ أبي مالك -جزاه الله خيراً- فقد خطر في بالي حديث والآن جاءت مناسبته، ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (ليس الغنى غِنى العَرَض؛ ولكن الغنى غِنى النفس) فمتى ما كان المسلم غني النفس فلن يجد ضرورةً إلى أن يتعامل بالربا، والتعامل بالربا لا يكون فقط أن يأكل هو الربا، بل وأن يُطْعِم غيره الرباً، ولذلك قال عليه السلام: (لعن الله آكل الربا، ومُوْكِله، وكاتبه، وشاهديه) .