للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دفاع الشيخ الألباني عن الشيخ محمد شقرة]

السؤال

قرأنا على صفحات مجلة الفرقان التي تصدرها جمعية إحياء التراث الإسلامي في دولة الكويت، وهي مجلة ناطقة باسم الحركة السلفية، وهم -كما أعلم وسمعت منهم وكما تعلمون- يحبونك في الله، بل أنت أستاذهم وشيخهم، وهم يقولون هذا بكل عمق ويقين، لكن عندما قرأنا المقالات التي نشرها أخونا في الله عز وجل عبد الرحمن عبد الخالق بعنوان: حوار مع أستاذنا وشيخنا الألباني، فاتصلت بالشيخ عبد الرحمن بالهاتف من جدة، وبنفس الوقت اتصلت بشيخي وأستاذي أبي مالك محمد شقرة، وقلت للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق: إذا وصلك رد على ما نشرت من هذا الحوار في مجلة الفرقان من الشيخ محمد شقرة هل أنت مستعد أن تنشره على نفس صفحات الفرقان؟ فقال: نعم.

كيف لا نعطي الحرية وغيرنا من غير الإسلاميين يعطي الحرية في ذلك، ثم قال: لكن إذا جاء منه رد على المذكرة التي خرجت من عندي بيد بعض الإخوان ووصلت إلى يد الأخ أبي مالك، فنحن لا ننشرها في مجلة الفرقان؛ لأنني ما كتبتها للنشر.

وهذه المذكرة ربما بلغكم عنها وتعرفونها أكثر مني، وأبو مالك يعرفها؛ فإن لم تبلغكم فـ أبو مالك يبلغها لكم، فنحن نحبكم في الله.

ثم أقول لكم بكل صراحة: إن إخوانكم من علماء السعودية يدعون لكم، وقد قابلت منهم سماحة الوالد الشيخ ابن باز الذي ما تحرج في كثير من محاضراته عندما يسأل عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد دينها) فيعدكم سماحته من المجددين في الدين في إحياء سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويحبكم في الله، وأرجو أن يكون هذا من باب عاجل بشرى المؤمن، ولا نزكيك على الله، بل نحسبك منهم.

الشيخ: جزاه الله خيراً، ونسأل الله عز وجل ألا يؤاخذنا بما يقولون، وأن يجعلنا خيراً مما يظنون، وأن يغفر لنا ما لا يعلمون.

السؤال: بعض الإخوان من أهل العلم في المملكة ينتظرون ردكم على ما كتب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في حواره بعنوان: حوار مع الشيخ الألباني، فهل ننتظر منكم الرد؛ لأن الإسلام علمنا أدباً ألا نأخذ بحكم أو برأي إلا بعد أن نسمع رأي الطرف الآخر الذي له صلة بهذا الموضوع؟

الجواب

في الواقع الحوار أنا قرأته، ولم أجد في نفسي دافعاً للرد على أخينا عبد الرحمن عبد الخالق؛ لأن المسألة التي عرّض لها فيما يتعلق بشخصي ليست خلافية جوهرية، ولكن الشيء المهم جداً جداً هو ما نسبه إلى أخينا الشيخ محمد شقرة من أنه أنكر فرضية الجهاد، ونحو ذلك من العبارات التي يصعب علي الآن أن أستحضرها، مثل: معنى قوله: أنه جاء بسلفية جديدة، أو ما شابه ذلك، ثم أشار بأنه قد أكون أنا موافقاً له على ذلك، فنحن نرى بأن أخانا عبد الرحمن -نسأل الله أن يهدينا وإياه إلى الحق مما اختلف فيه الناس- قد اشتط به القلم، ليس في النشرة التي هو يقول: إنه ما عدها لتنشر في مجلة، وإنما في نفس المقال الذي نشره في المجلة، فقد نسب إلى أخينا محمد شقرة ما صرح هو بخلافه في كتابه الذي سماه بـ السلفية هي السلفية.

لذلك فأنا أرى أن الخلاف الذي ينبغي أن يزال وألا يكون، هو الخلاف بين شخصين كلاهما يعمل في الدعوة السلفية وعلى الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، وهما أخونا عبد الرحمن وأخونا محمد شقرة، وقد علمت -والظاهر أنك لم تعلم بهذا الخبر- بأن محمد شقرة اتصل بأخينا عبد الرحمن، وعتِب عليه فيما ذكره، ليس في النشرة فقط بل وفي المجلة، وعلى ما نقل أخونا الشيخ محمد شقرة أن أخانا عبد الرحمن عبد الخالق اعتذر بأنه كتب المقالة على عجل، فالآن إذا كان الأمر كما حدثك أخونا عبد الرحمن عبد الخالق، أنه مستعد أن ينشر ما يصله من الرد على ما نشره هو في المجلة، فأنا في اعتقادي أن الرد حاضر لدى الأخ محمد.

ولذلك فالقضية من هذه الحيثية منتهية كما علمت، فعليك أن تراجع أخانا أبا مالك وتأخذ منه الرد وترسله إلى عبد الرحمن، أو أن أخانا محمد شقرة يرسله بالطريقة التي هو يرضاها، وأسأل الله عز وجل أن يلهمنا حسن الأسلوب في الرد والعدل مع المخالفين لنا في الرأي، ونحن لا ننكر أن الخلاف أمر طبيعي؛ لأن هذا النوع من الخلاف أو نوعاً من أنواع الخلاف قد كان موجودا ًفي عهد السلف الصالح بين الصحابة، فضلاً عمن بعدهم من الأئمة، ولكن ما عهدنا من أحدهم أن يفتري على أخيه المسلم، وأن يقول عليه ما لم يقل.

وفي اعتقادي بعد أن قرأنا ما في الفرقان، وقرأنا ما في كتاب محمد شقرة، وجدنا هناك تنافراً تاماً، حيث عقد فصلاً خاصاً بفرضية الجهاد، ولكنه دندن حول ما دندنت أنا آنفاً، من أنه لا بد من أخذ العدة للجهاد، وأن يكون الجهاد تحت راية إسلامية وأمير مطاع، وهذا لا يعني أنه أنكر الجهاد، وإنما أقر بالجهاد، ولكن الجهاد ليس فوضى، وليس ثورة نفسية وعواطف جامحة، ينطلق من ورائها أفراد كثيرون من المسلمين، ثم لا يريدون إلا الهلاك دون أن يفيدوا لهذا شيئاً مذكوراً.

فإذاً: بارك الله فيك، جوابك عند الأستاذ/ محمد شقرة إن شاء الله.

السائل: التفصيل التام عن الموضوع موجود في شريطكم الذي تحدثتم فيه، وكان في وجود شيخنا أبي مالك.

الشيخ: هناك شيء آخر، نحن اقترحنا على أخينا عبد الرحمن عبد الخالق أن يزورنا، وأن ينزل ضيفاً عندي في داري المتواضعة؛ لكي نتباحث عن قرب؛ لأنه في الحقيقة الرد كتابة يأخذ وقتاً طويلاً ومسافات طويلة جداً، بينما في جلسة واحدة قد يقول قائل كلمة فيقال له: هذا خطأ، وأنا ما أردت كذا، وما قصدت كذا، وإنما أردت كذا، فيمكن الحل وجاهياً، لذلك نحن نرجو أن نحظى بزيارة من أخينا عبد الرحمن، لاسيما أنه مضى علينا عشر سنوات أو أكثر ولم نره.

السائل: علمتمونا -فضيلة الشيخ- الدقة في المسائل العلمية، وأنتم ذكرتم الآن -ولعلي وهمت- أن الشيخ محمد شقرة هو الذي اتصل بالشيخ عبد الرحمن عبد الخالق.

الشيخ: المقصود أنه حدث اتصال بينهما، أما من الذي بدأ الاتصال؟ أنا أعرف أن أخانا أبا مالك كان حريصاً على الاتصال بـ عبد الرحمن عبد الخالق، وأعلم أنه طلبه أكثر من مرة، فقيل له: كان مسافراً إلى الإمارات وبعد ذلك اتصل عبد الرحمن عبد الخالق بـ أبي مالك وجرى النقاش.

السائل: أخبرني أستاذي الشيخ أبو مالك أنه هو الذي بدأ بالاتصال بـ عبد الرحمن، وهذا ما جعلني أؤكد أن النية طيبة عند الشيخ، وأن الشيخ عبد الرحمن لم يفهم تماماً وتسرع في فهم مقصوده.

الشيخ: وهذا ما صرح به على حسب ما نقل أخونا أبو مالك، وعلى كل حال -إن شاء الله- لا يكون إلا خيراً.

السائل: نطلب من الأخ الفاضل الشيخ نظام سكجها أن يوصل رد الشيخ أبي مالك على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق؛ لأن الشيخ أبا مالك الآن مسافر في العقبة، واتصلت به حتى آخذه فلم أجده.

السائل: الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وطلبة العلم والدعاة إلى الله في الكويت وفي المملكة العربية السعودية بلغوني هذه الأمانة، وهي أن ألقي عليك هذه الأسئلة التي أجبت عنها، فجزاك الله كل خير، وعندي شعور أن الله تعالى شرح صدري لما تحدثت به سماحة الشيخ، وما عهدنا منك إلا سلامة النية وحبك لإخوانك ولعلماء المسلمين، ولا نزكي على الله أحداً، ومما زادنا يقيناً في هذا الأمر عندما سمعنا آخر حديثك وأنت تخاطب تلاميذك بإخواني، وهذا من تواضعك، فكم يفرح ويفخر هؤلاء الإخوة أمثال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وغيره عندما يسمعون أن سماحة الشيخ الألباني يقول: بلغ سلامي للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق.

في هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة الرابع من شوال، ونحن أمام سماحة الوالد الشيخ الألباني، نسأل الله عز وجل أن يبارك في عمره، وأن يديم نفعه للإسلام والمسلمين اللهم آمين اللهم آمين.

الشيخ: جزاك الله خيراً، وعسى الله أن يهديك.