للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل الخلوة بالنساء من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم؟]

السؤال

جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ذهب هو وأبو بكر وعمر إلى حائط أحد الصحابة، فلم يجدوا إلا امرأته، فقالت لهم: (إنه ذهب ليستعذب لنا الماء) فجلسوا حتى أتى فهل هذا الفعل خلوة؟ وهل الخلوة بالمرأة من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب

رسول الله صلى الله عليه وسلم يجوز له أن يخلو مع أية امرأة كانت؛ لأنه قد قال: (ما من رجل إلا ومعه قرينه -يعني شيطان- فلما قالوا له: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن الله تبارك وتعالى أعانني عليه فأسلم) روايتان: فأسلم، أي: من شره ووسوسته، والرواية الثانية: فأسلمَ، أي: صار مسلماً، فلا يأمره عليه السلام إلا بخير لا يأمره إلا بخير أمر مقطوع به، على كل من الروايتين، إما أنه أسلم حقيقة فهو لا يأمر النبي عليه الصلاة والسلام إلا بخير، وإما أنه ظل على كفره وضلاله ولكن الله عز وجل عصم نبيه من وسوسته بالشر وإنما هو يأمره بالخير.

لذلك كان اختلاء الرجل بالمرأة نهى الشارع الحكيم عن مثل هذه الخلوة، أولاً: من باب سد الذريعة، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (ما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) فالرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطبق عليه هذا الحكم؛ لأنه إذا خلا مع امرأة لم يكن الشيطان ثالثهما، سواء كان أسلم أو لم يسلم، أما على اعتبار أنه أسلم فالقضية واضحة، إنما هناك مسلمون جماعة ليس معهم شيطان، وعلى رواية: فأسلم، من شره، فهو في حكم المسلم الذي لا يأمره إلا بخير.

فإذاً: مثل هذه الخلوة للجماعة في بيت امرأة وهم الصالحون، وزوجها كما سمعتم في الحديث: (ذهب ليستعذب الماء) فهو سرعان ما سيعود، فمثل هذه الظروف لا مانع إطلاقاً من مثل هذا الدخول على المرأة الغريبة.

لقواعد أصولية فقهية منها: أنه إذا تعارض القول والفعل قدم القول على الفعل، وهذا هنا ينطبق كما هو واضح.

ومنها: إذا جاء نص حاظر مانع محرم، ونص آخر مبيح؛ قدم الحاظر المانع المحرم على المبيح، ومثال هذا أنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أكثر من أربع من النساء، لكنه لما جاءه رجل وأسلم وتحته تسع نسوة قال: (أمسك أربعاً منهن وطلق سائرهن) فهذا من هذا الباب، نهى وفعل، ففعله يقع هنا خاص به ونهيه شرع عام لأمته.