للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العدل والظلم وعلاقتهما ببقاء الأمم]

السؤال

قال ابن تيمية: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة، نرجو شرح هذا القول، مع بيان الأدلة الشرعية عليه، ورأيكم فيه.

الجواب

أنا لا أستحضر قول ابن تيمية هذا، ولكن الآية الكريمة التي تقول: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود:١١٧] ذكر بعض علماء التفسير هذا المعنى الذي ينقله السائل عن ابن تيمية رحمه الله، ذلك بأن الظلم هو سبب خراب البلاد، وهلاك العباد، فإذا كانت الأمة أو الدولة كافرة، ولكنها تحكم بالعدل فيما بينها، هذا العدل الذي يعرفه الناس بفطرهم، فإذا كانوا يحكمون بذلك؛ تقوم دولتهم، وتستمر مدة طويلة، والتاريخ يشهد بهذا، وعلى العكس من ذلك، إذا بغى الحكام وجاروا على العباد؛ كان ذلك سبباً لقيام الثورات، وما يسمى اليوم بالانقلابات العسكرية، ولن تستقر الأوضاع في تلك البلاد حتى يُهلك الشعب الواحد بعضه بعضاً، ويكون ذلك سبباً لفتح الطريق لأمة أخرى لكي تستعبدها، ولا شك أن الإسلام جاء بكل ما فيه خير الدنيا والآخرة، ومن ذلك الأمر بالعدل، والأمر بإقامة الحدود بين الناس، حتى قال عليه الصلاة والسلام: (حدٌ يقام في الأرض خيرٌ من مطر سبعين صباحاً) وما هذا إلا لتحقيق العدالة في المجتمع الإسلامي، فإذا افترضنا مجتمعاً إسلامياً لا يقيم حكم الله عز وجل في الأرض، وذلك مما لا يمكن إقامته إلا على إقامة العدل بين المسلمين، فلا يمكن أن تقوم قائمة هذه الدولة؛ لأنها حين ذاك تحكم بغير ما أنزل الله ومن حكم بغير ما أنزل الله فقد عرض أمته ودولته للانهيار، هذا ما يحضرني الآن جواباً عن هذا السؤال الأول.