للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما أخشى عليكم الخطأ.]

الشطر الثاني وهو قوله عليه السلام: (وما أخشى عليكم الخطأ، ولكن أخشى عليكم التعمد) هذا أيضاً مقتبس من القرآن الكريم، في غير ما آية في القرآن، من ذلك قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:٥] فهذا نص القرآن اقتبس منه هذا الحديث، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أخشى عليكم الخطأ، ولكن أخشى عليكم التعمد) وهذا من لطف الله عز وجل ويسره بعباده، كما قال عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:١٨٥] ؛ ذلك لأن الخطأ لا يكاد ينجو منه إنسان، فلذلك ربنا عز وجل لا يؤاخذ عباده على ما يقع منهم من الخطأ، مهما كان هذا الخطأ كبيراً وعظيماً، وعلى العكس من ذلك يؤاخذ المرء إذا تعمَّد الإثم ولو كان صغيراً، فمجال المؤاخذة إنما هو على التعمد، ولا مؤاخذة إذا وقع من الإنسان الخطأ بغير قصد منه.

لذلك هذه النصوص من قرآن وحديث وغير ذلك مما لا مجال لذكره الآن، يلفت نظرنا بقوة إلى أنه لا يمكن بوجه من الوجوه أن يكون الإنسان مجبوراً على أعماله التي تصدر منه باختياره، أي: ما يقوله عامة الناس اليوم وقد يتكلم فيه بعض خاصتهم من قولهم: إن الإنسان مسيَّر لا مخيَّر، ويزعمون أن الإنسان مسيَّر وليس مخيَّراً.

هذا الكلام على إطلاقه باطل، وإنما هو كما شرحنا لكم من قبل ولا أريد الإطالة، وإنما إشارة سريعة.