للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ترك الإحرام من الميقات]

بقي الشيء الرابع -أيضاً-: بعض الناس يذهب إلى مكة يريد العمرة لكنه يقول: أريد أن أقيم في جدة لمدة أيام ثم أحرم منها -وهو قد مر بالميقات إما عن طريق المدينة وإما عن طريق الطائف - لكن يقول: أنا سأذهب وأريد أن أبقى في جدة؛ لأن هذه إجازة ونزهة أذهب إلى هناك، ومتى نويت أن أعتمر اعتمرت، هذا غلط، إذا كنت قد أردت العمرة فلا بد أن تعتمر من الميقات الذي حدده الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد حدد صلى الله عليه وعلى آله وسلم المواقيت وقال: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة) لو قال: إذا أردت الإحرام ذهبت إلى الميقات الذي مررت به أولاً فأحرمت منه فلا بأس، تبقى في جدة ما شئت وإذا أردت الإحرام إن كنت مررت بـ المدينة اذهب إلى أبيار علي ذي الحليفة وأحرم منها، وإن كنت مررت بـ الطائف فاذهب إلى السيل وأحرم منه.

وبهذا نقول: الناس في هذه المسألة على ثلاثة أقسام: قسم أراد العمرة وأراد المكث في جدة فنقول له: أحرم من الميقات واذهب إلى مكة مباشرة، واجعل العمرة هي المقصد الأول؛ لأنها عبادة وبقاؤك في جدة ليس عبادة، فابدأ أولاً بالعبادة، وليس بين جدة وبين مكة في إقامة العمرة إلا نحو ثلاث ساعات، وثلاث ساعات بالتأكيد تكفي إذا كان المطاف ليس زحاماً ولا المسعى فمن جدة إلى مكة ساعة أو أقل، والطواف والسعي اجعلوه ساعة، والرجوع ساعة، ثلاث ساعات يا أخي، يخذلك الشيطان ويقول لك: لا، ابق في جدة، اذهب إلى جدة ومتى شئت اذهب من جدة.

الثاني من الناس من يقول: أنا أذهب إلى جدة؛ لأني ما أدري هل يحصل لي أن أعتمر أو لا، لست عازماً، يمكن أحرم ويمكن لا أحرم، نقول: لا بأس اذهب إلى جدة وإذا تيسر لك الإحرام فأحرم من جدة ولا حرج عليك؛ لأنك لم تجزم بأنك ستعتمر.

القسم الثالث: من أراد العمرة أو الحج والبقاء في جدة وذهب إلى جدة محلاً لا محرماً، ولما أراد الإحرام أحرم من جدة، فنقول: هذا حرام، وهو آثم، وعاص للرسول عليه الصلاة والسلام، ومن عصى الرسول فقد عصى الله، وعليه -أيضاً- عند العلماء فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء.

فهذه أحوال الناس، ونحن ننصح إخواننا الذين يذهبون إلى تلك الأماكن -إلى الحجاز - للنزهة مع العمرة أن يبدءوا أولاً بالعمرة ثم بالنزهة.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق، وأن يرزقنا وإياكم اغتنام هذا الشهر المبارك بما يرضيه، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.