للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفاء الدَّين أهم من الحج

السؤال

فضيلة الشيخ كنت مخصصاً مبلغاً من المال للحج وعليَّ دين، ولكن هذا الدين مفتوح التسديد من قبل المدين، وفي هذا الشهر صرفت النقود على اعتبار أني سأعوضها قبل موعد الحج، ولكن لم يتيسر لي المبلغ الآن مع العلم بأني لم أفرط، فهل ما فعلته من التفريط؟

الجواب

أقول للأخ: إن الحج ليس فرضاً عليك؛ لأن أي إنسان عليه دين فالحج ليس فرضاً عليه، فليطمئن وليسترح باله، وليعلم أنه لو واجه ربه فإنه لا يعاقب؛ لأن الدين وفاؤه أهم من الحج، فعلى الإنسان أن يحمد الله على الرخصة وعلى التوسعة، فمثلاً: إذا كان الإنسان عنده ألف ريال يمكن أن يحج بها لكن عليه ألف ريال ماذا نقول؟ هل نقول: حج بها وأوف بعد الحج، أو نقول: أوف بها ثم حج في عام آخر؟ الجواب: نقول: أوف ثم حج؛ لأن الحج الآن ليس فرضاً عليك لقول الله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:٩٧] والإنسان يريد أن يبرئ ذمته من الناس، فاقبل رخصة الله، والله تعالى أكرم من الدائن، الدائن سيؤذيك ويقول: أعطني، وإذا رأيته أغمضت عينيك، لكن الرب عز وجل رخص لك وأذن لك ألا تحج، ولم يفرض عليك الحج، فلماذا تذهب تحج وتدع الدين الذي عليك؟!! إذا مات الإنسان والدين عليه من يوفيه؟ ليس عنده مال، ثم إنه لو كان عنده مال فإن بعض الورثة والعياذ بالله ظلمة لا يبالون ببقاء الدين في ذمة الميت، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) فالمسألة خطيرة.

ولهذا نقول لإخواننا الذين عليهم دين: إن الحج ليس فرضاً عليكم أصلاً؛ لأنكم لا تستطيعون، والله تعالى إنما فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً، أرأيت الفقير هل عليه زكاة؟ ولو لقي ربه في هذا الحال أيعاقب؟ لا.

فكذلك الإنسان الذي عليه دين فإنه ليس عليه حج حتى يؤدي الدين، نعم لو فرض أن الإنسان عليه دين لكن الدين مؤجل يحل مثلاً بعد شهرين، وهو موظف وواثق من أنه بعد الشهرين سيوفي، وبيده الآن مال، هل يحج أو لا يحج؟ يحج؛ لأن هذا ليس عليه ضرر.

لو قال قائل: أنا عليَّ دين حال، وصاحب الدين أذن لي أن أخرج، هل يجب علي الحج؟ نقول: لا يجب؛ لأنه وإن أذن لك لن يُسقط شيئاً من دينه، فإذا قال المدين: أنا أريد أن أصحب رفقة مجاناً هل يلزمني الحج؟ لا يلزمه الحج؛ لأن هؤلاء الرفقة يمنون عليه في المستقبل، أدنى شيء يقول: نحن حججنا بك هذا جزاءنا -مثلاً-؟ هذه واحدة.

الشيء الثاني: إذا قدرنا أن الرفقة هؤلاء من أهله ولا يمكن أن يمنوا عليه يوماً من الدهر قلنا: ننظر؛ إذا كان هذا المدين صاحب عمل ويحصل في أيام الحج أجرة تنفع الدائنين، لكن لو ذهب يحج ما حصل أجرة، نقول: لا تحج؛ لأنك إذا حججت أضررت بالدائن، فمثلاً: إذا قدرنا أن هذا الرجل يوميته ثلاثمائة ريال وهو سيحج في عشرة أيام كم يفقد؟ ثلاثة آلاف ريال وهي تنفع الدائن، فنقول: لا تحج.

أما لو كان الرجل عاطلاً عن العمل ولو ذهب يحج ما ضر أهل الدين فحينئذ نقول: حج إذا يسر الله لك قوماً يحملونك مجاناً ولا يخشى من منتهم في المستقبل فتوكل على الله.

سؤال: فإذا كان الدين لوالدي أو والدتي؟ الجواب: لا فرق بين الدين الذي للوالد أو الوالدة أو للأجنبي، فالذمة مشغولة.