للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شبهات حول تكفير أهل الكفر]

السؤال

فضيلة الشيخ: سمعنا أنكم توقفتم في تكفير المرأة النصرانية التي ماتت في الحادث مؤخراً، فهل هذا صحيح؟ وآخر يقول: فضيلة الشيخ: ذكرت في خطبة الكسوف أن المرأة التي نشر الإعلام وفاتها وقلتم إنها كافرة يقول بعض الناس: وما يدري الشيخ أنها ماتت كافرة، ربما أنها أسلمت في آخر حياتها؟ أرجو يا فضيلة الشيخ أحسن الله إليك بيان ما يتكلم به بعض الناس عن هذا جزاك الله خيراً.

الجواب

هاتان شبهتان متناقضتان، أما من جهة التوقف في كفرها فلم أتوقف، هي كافرة؛ لأن الأصل الكفر وبقيت على حالها وما علمنا أنها رجعت إلى الإسلام، فهي كافرة هذا الذي نعتقده فيها، ومن نسب عنا سوى ذلك فقد كذب.

وأما كونها في النار هي بعينها ما نشهد أنها في النار؛ لأن من مذهب أهل السنة والجماعة: ألا تشهد لأحد بجنة ولا نار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

حتى لو كان من أتقى الناس لا تقل: هذا من أهل الجنة، حتى لو كان من أكفر الناس ما تقول: هذا من أهل النار، لكن تقول هو كافر، والرجل التقي هو مؤمن لأن هناك فرقاً بين أحكام الدنيا وأحكام الآخرة، أحكام الدنيا يؤخذ الإنسان فيها بظاهر حاله، وأحكام الآخرة عند الله عز وجل، هذا هو ما نعتقده في هذه المرأة.

والحقيقة أنها امرأة لا تستحق الذكر ولا الثناء، ما الذي قدمته للإسلام؟ لم تقدم، بل إن ظاهر حالها ضد الإسلام، لأننا نسمع أنها تأتي مثل الجمعيات الخيريات وما أشبه ذلك والصليب على صدرها (قد ملأ صدرها) وماذا يعني هذا؟ معناها: أنها تدعو إلى النصرانية، لكن بدلاً من أن تقول للناس: يا أيها الناس كونوا مسيحيين تقول: هذا دين المسيح، رأفة ورحمة وإحسان ورقة.

وكما قال ابن القيم: الناس أهل ظواهر، لا يعرفون ما وراء الأكمة.

ونحن نبرأ إلى الله من نيتها ما ندري عن نيتها؛ لكن فعلها واضح أنه دعوة إلى النصرانية، هي لا تستحق الذكر.

مع الأسف أن بعض الناس من أجل ما أحيط بها من الدعايات العظيمة في وسائل الإعلام جعل يستغفر لها: اللهم اغفر لها، اللهم ارحمها، ولا أدري إذا جاء عيد الأضحى ربما يضحون عنها.

والاستغفار لها محرم، والدعاء لها بالرحمة محرم، وذلك خروج عن سبيل النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا في هذه المسألة، فمن دعا لها بالرحمة أو بالاستغفار فقد خالف هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والذين معه في هذه المسألة، اسمع: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة:١١٣] ولقد نُهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يستغفر لعمه أبي طالب الذي كان يحوطه وكان ينصره وكان يدافع عنه، ومواقفه مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معلومة، ومع ذلك نهاه الله أن يستغفر له، مع إحسانه العظيم للإسلام والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكيف بهذه المرأة؟!! فعليه: لا يجوز لأحد أن يدعو لها بالرحمة، ولا بالمغفرة، ولا أن يتصدق عنها، ولا أن يضحي عنها، والصدقة عنها لو تصدقنا عنها بملئ الدنيا لا ينفعها، وهي -أيضاً- لا ينفعها ما قدمت من عمل طيب، كان عبد الله بن جدعان رجلاً مشهوراً في الجاهلية، كريماً، يقري الضيف، ويعين المحتاج، فسئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أينفعه ذلك؟ قال: لا) .

وجاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكرا له أمهما، وأنها تقري الضيف، وتعين: (أينفعها ذلك؟ قال: لا) .

فعلى هذا: يجب يا إخواني أن يكون لدينا براءة من أعداء الله، براءة تامة، قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً} [النساء:١٠١] وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ} [النساء:١٤٤] ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:٥١] فما بالنا نسير وراء الإعلام الغربي الذي يثني على مثل هؤلاء النصارى، نسأل الله لنا ولكم الهداية والبصيرة.