للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التطفيف الحاصل بين المعلم وتلاميذه]

أيضاً المعلم والتلاميذ بينهم حقوق، على التلاميذ أن يحسنوا معاملة المعلم، كيف؟ يكونون أمامه بمنزلة المتلقي الذي يقبل ما يعطى له، كالعطشان أمام الساقي، أو الجائع أمام المُطعِم، بمعنى: أن يشعر التلميذ أنه بحاجة إلى تعليم المدرس حتى يقبله وينتفع به، أما إذا كان أمامه وهو يرى أنه مثله أو أحسن منه أو أن المعلم ناقص فإنه لن ينتفع منه، لا يمكن أن تنتفع من المعلم إلا حيث تجعل نفسك بمنزلة العطشان بين يدي الساقي وإلا فلن تنتفع، وهذا شيء مجرب، نحن إذا جلسنا إلى قوم يتكلمون بأفصح ما يكون من كلام ونحن لا نريد أن ننتفع منهم وإنما نريد أن نعلم ما عندهم فإننا لا ننتفع بعلمهم، حتى لو مسكنا شيئاً في أثناء الإلقاء فإنه يذهب بسرعة، لكن إذا جلسنا إلى قوم نريد أن نتعلم منهم فإننا ندرك ما عندهم من العلم ويرسخ في نفوسنا، هذا حق للمعلم على تلاميذه.

كذلك العكس التلاميذ لهم حق على المعلم، فيجب عليه أن يسلك أقرب الطرق إلى إفهام الطلبة، لا يأتي لهم بعبارات معقدة أو يتجاوز في الكتاب الشيء المعقد، بل يجب أن يوصل العلم إلى التلاميذ بأقرب وسيلة، والوسائل -والحمد لله- كثيرة، أما أن يأتي مثلاً ويلقي الدرس ويا ويلك لو تسأله عن شيء، فهذا غلط، بعض الأساتذة يلقي الدرس ثم إذا رفع التلميذ إصبعه يستفهم عن مسألة قال: اجلس.

يا أستاذ! ما فهمت! قال: اجلس.

فإذا أورد التلميذ عليه مسألة وهو لا يعرفها وهذا يقع كثيراً من بعض الأساتذة، يأتي إلى الدرس وهو ما حضَّر ومعلوماته قليلة، لا يستطيع أن يعلم إلا بعد التحضير وهو لا يحضر، ثم إذا قام التلميذ يسأله وإذا هو ليس عنده علم، ماذا يصنع في التلميذ؟ يقول: اجلس اجلس يا ولد، ما بقي وقت للمناقشة هذا غلط، من حق التلاميذ عليك أن تعاملهم بلطف، وأن تسلك أقرب الطرق إلى إفهامهم.

وأيضاً ناقشهم، أحيهم بالمناقشة، قل: يا فلان قم، يا فلان قم، يا فلان ما عندك؟ حتى تحيي المجلس، أما بعض الأساتذة تجده من حين يدخل الدرس إلى أن ينتهي وهو يقرأ يقرأ يقرأ يقرأ هذا غلط، هذا نقص.

فإذا كان المعلم يريد من التلاميذ أن يكونوا له على أعلى ما يكون من الآداب وهو لا يتأدب معهم أيدخل في الآية؟ نعم يدخل في الآية.