للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الذين يقومون مقام المالك في البيع الوكيل؟]

الوكيل: هو الذي يتصرف لحي بإذنه، مثل أن أقول: يا فلان! خذ سيارتي هذه بعها، هذا وكيل؛ لأنه يتصرف عني وأنا حي بإذني، فهو وكيل، هل جاءت السنة بجواز تصرف الوكيل؟ نعم.

وكل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً وهو عروة بن الجعد أن يشتري له أضحية بدينار، فاشترى اثنتين بالدينار، ثم باع واحدة بدينار، ورجع إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشاة ودينار.

انظر إلى هذا التصرف الطيب! اشترى بالدينار شاتين لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (اشتر أضحية) اشترى شاتين، وجدهما رخيصتين فاشتراهما ثم باع واحدة بدينار وأتى بالشاة والدينار.

أتدرون ماذا قال له الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ قال: (اللهم بارك له في بيعه وشرائه) مكافأة عظيمة، فكان -يقول الراوي عنه- فكان لو اشترى تراباً لربح منه ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم له؛ إذاً الوكالة جائزة.

ووكل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة الفطر في رمضان؛ لأن الناس يجمعون صدقة الفطر عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويتصدق بها، في ليلة من الليالي -اسمع القصة العجيبة! - في ليلة من الليالي جاء شخص بصفة رجل فأخذ من الطعام، فأمسكه أبو هريرة وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فقال: إنه ذو عيال وإنه فقير، فرحمه أبو هريرة وأطلقه، في الصباح غدا أبو هريرة -يعني: ذهب- إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الغدوة في الصباح فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما فعل أسيرك البارحة؟) ما الذي أعلم الرسول؟ الله عز وجل، قال: (يا رسول الله! إنه قال: إنه ذو حاجة وذو عيال فأطلقته، فقال: إنه كذبك وسيعود) أي: كذب عليك، وسيعود، يقول: (فعلمت أنه سيعود لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه سيعود، فجعلت أرصده فجاء وأخذ من الطعام فأمسكه أبو هريرة وقال: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فادعى الحاجة والفقر والعيال فأطلقه.

ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبره، فقال: إنه كذبك وسيعود) فجعل يترصد له في الليلة الثالثة، فجاء وأمسكه وقال: لا بد أن أرفعك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا تكرر الشيء ثلاث مرات انتهى، فقال له: ألا أدلك على آية في كتاب الله إذا قرأتها لم يزل عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح.

قال: نعم، قال: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:٢٥٥] ثم غدا رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأخبره، فقال: (صدقك وهو كذوب) -صدقك: يعني أخبرك بالصدق، وهو كذوب: يعني الشيطان- ثم قال له: (يا أبا هريرة أتدري من تناجي منذ ثلاث ليال، قال: الله ورسوله أعلم.

قال: ذلك شيطان) .

الشاهد من هذا: أن الرسول وكل على حفظ صدقة الفطر وأجاز تصرف أبي هريرة رضي الله عنه ونفذه، مما يدل على أن القول الراجح: أن الإنسان إذا تصرف في مال غيره وأجازه الغير فالتصرف صحيح.