للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً)

قال تعالى: {إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:٦٦] (إنها) الضمير يعود على جهنم (ساءت مستقراً) هذا ذم عظيم، أي: ساءت مستقراً يستقر به الإنسان، وساءت مقاماً يقيم فيه، فليست حسنة لا في مستقرها ولا في مقامها، ومعلوم أنها لن تكون حسنة وفيها هذا العذاب العظيم المعلوم بالكتاب والسنة.

هذا الوصف لجهنم على ضد الوصف للجنة التي قال الله فيها: {حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:٧٦] فاختر يا أخي هذا أو هذا.

وفي قوله تعالى: {مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً} [الفرقان:٦٦] دليل على أن عباد الرحمن يؤمنون بأن النار مستقر لأهلها الذين هم أصحابها؛ لأن أصحاب النار الذين هم أصحابها لا يخرجون منها، والنار لا تفنى، قال الله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [الأحزاب:٦٥] وقد ذكر الله تعالى تأبيد الخلود لأهل النار في ثلاثة مواضع من القرآن: الأول: قال الله سبحانه وتعالى في سورة النساء: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [النساء:١٦٨-١٦٩] .

الثاني: قال الله تعالى في سورة الأحزاب: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [الأحزاب:٦٤-٦٥] .

الثالث: قال الله تعالى في سورة الجن: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} [الجن:٢٣] أبد الآبدين، فالنار لا تفنى {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر:٤٨] .

ولو قال قائل: كيف يصبرون؟ أفلا يحترقون؟ ف

الجواب

قال تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء:٥٦] ، وقال تعالى: {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال:٥٠] لكن الخالق جل وعلا قادر على أن يعيدهم مرةً ثانية؛ فالجلود تنضج ولكن تعاد من جديد، وهكذا أبداً.

قال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا} [الكهف:٢٩] بعد المدة الطويلة يطلبون الماء {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف:٢٩] بمجرد ما يقرب من وجوههم -أجارنا الله وإياكم منها- يشويها فتتمزق، وإذا وصل الأمعاء فاسمع: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد:١٥] إذاً لا فائدة فيه.