للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بمن يلحق العاصي عند قبض روحه؟]

السؤال

فضيلة الشيخ! جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل حين احتضاره للموت المؤمن والكافر: أن المؤمن تفتح له أبواب السماء لروحه، وينادى بأحسن أسمائه، ويكتب كتابه في عليين، وورد في الكافر أنه في سجين، ويفرش له في قبره من النار، فهل هناك غير تلك الحالتين؟

الجواب

الذي يظهر والله أعلم: أن المؤمن تصعد نفسه إلى السماء وتفتح لها أبواب السماء، والكافر لا تصعد نفسه إلى السماء، أما المؤمن العاصي فلا شك أنه ليس كالكافر، ولكن هل يلحق بالمؤمن المتقي أم لا؟ الله أعلم، لا ندري، ثم إني أقول -أيها الإخوة-: أمور الغيب لا تبحثوا فيها، خذوا بما بلغكم ودعوا ما لم يبلغ؛ لأن أمور الغيب فوق مستوى الإنسان، أرأيتم الآن أرواحكم في أجسادكم، هل يستطيع أحدٌ منكم أن يصف روحه؟ أبداً، إلا ما بلغنا من الكتاب والسنة، وهي روحه بين جنبيه، وفي يوم القيامة تدنو الشمس من الخلائق مقدار ميل، والميل إما أن يكون المسافة، وإما أن يكون ميل المكحلة مثل الأصبع هذه الشمس البعيدة عنا الآن لو نزلت مقدار ميل عن مجراها الآن لاحترقت الدنيا، وفي يوم القيامة لا تحرق الناس مع أنها تنزل هذا النزول؛ لأن أحوال الآخرة لا يمكن أبداً أن تقاس بأحوال الدنيا.

في يوم القيامة المؤمنون: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد:١٢] جعلنا الله وإياكم منهم والكافرون في ظلمة، يقول المنافقون للمؤمنين: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً} [الحديد:١٣] ومع ذلك الناس في صعيد واحد، هؤلاء يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم، وهؤلاء في ظلمة، فالعقل لا يدرك هذا الشيء، لكن الواجب علينا فيما يتعلق بأمور الغيب أن نقول: سمعنا وآمنا وصدقنا، وألا نقيسه بأحوال الدنيا؛ لظهور الفرق العظيم بين هذا وهذا.