للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة]

الشرط الخامس: أن تكون التوبة في وقت تقبل فيه التوبة فخرج بذلك ما إذا حضر الموت الإنسان وتاب فإنه لا تقبل التوبة منه؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} [النساء:١٨] هذا ما ينفعه، ولذلك لما أدرك فرعون الغرق قال الله عنه: {قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:٩٠] فقيل له: {أَالآنَ} [يونس:٩١] تؤمن وتكون من المسلمين {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ} [يونس:٩١] فلا تقبل منه، وهذا الشرط -أيها الإخوة- يستلزم أن نبادر إلى التوبة وألا نتأخر؛ لأننا لا ندري متى يأتينا الموت، كم من إنسان مات على فراشه! وكم من إنسان مات على سيارته! كم من إنسان يمشي وسقط ومات! فإذا كان هكذا فبادر بالتوبة لئلا يفجأك الموت.

أما الثاني: فهو طلوع الشمس من مغربها، فإنه إذا طلعت الشمس من مغربها: {لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرا} [الأنعام:١٥٨] لا يوجد توبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تخرج الشمس من مغربها) وذلك أن هذه الشمس العظيمة التي أمرت أن تسير بانتظام تشرق من المشرق وتغرب من المغرب، إذا جاء وقت خروجها من المغرب استأذنت الله عز وجل أن تخرج من المشرق فيقول: اخرجي من المغرب فتخرج، فإذا رآها الناس آمنوا كلهم، لكن الذين لم يؤمنوا من قبل لا ينفعهم الإيمان.

أسأل الله تعالى أن يتوب علينا وعليكم توبةً نصوحاً، وأن يوفقنا لما فيه خيرنا وصلاحنا في ديننا ودنيانا، وأن يكتب ذلك لجميع المسلمين إنه على كل شيء قدير.

وإلى الأسئلة فيما بقي من الوقت.