للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إخلاص النية لله عز وجل في الدراسة]

أولاً: ما الذي جاء بنا إلى حقل التعليم من مدرسة أو معهد أو جامعة؟ هل نحن جئنا لننال حظاً من الدنيا، أو جئنا لننال حظاً من الدين؟ يختلف الناس: فبعض الناس لا يأتي إلا من أجل أمر الدنيا، وبعض الناس يأتي لأمر الدين، ليتعلم أمور الدين فيقيم نفسه ثم يقيم غيره، ولا غرو ولا عجب في هذا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه) وهذا مثال وإلا فجميع الأعمال على هذا المنوال.

الذي يريد أن يتعلم الدين ليعمل به ويعلم الناس هل يفوته شيء من العلم؟

الجواب

لا.

والذي يتعلم للدنيا إن لم يفته شيء من العلم وصار كالأول فقد اختلفا اختلافاً عظيماً في الثواب والأجر، لذلك أحث إخواني طلبة العلم أن تكون نيتهم خالصةً لله، وأعني بذلك: طلبة العلم الشرعي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من طلب علماً مما يبتغى به وجه الله يريد عرضاً من الدنيا لم يرح رائحة الجنة) والعياذ بالله! وتأمل قوله: (مما يبتغى به وجه الله) لأن العلوم أنواع، والعلوم التي يبتغى بها وجه الله هي العلوم الشرعية التي يحيا بها دين الله عز وجل، أما الأمور الدنيوية كعلوم الحساب والهندسة وما أشبهها فهذه للدنيا من أصلها وفرعها.

فعليك -يا أخي- بالإخلاص لله عز وجل في طلب العلم.

وقد يقول بعض الناس: إنكم إذا قلتم هذا منعتمونا من دخول المدارس والمعاهد والجامعات التي تمشي على النظام ويتدرج فيها الإنسان حتى يصل إلى الغاية؛ لأن كثيراً من الناس يريدون أن يقرءوا ليأخذوا الشهادة، فما الحل؟ أنترك هذه المدارس ونقول: عليكم بالدراسة في المساجد وفي البيوت أما هذه المدارس والمعاهد والجامعات فاتركوها، أم نصحح النية ونقرأ في هذه الجامعات؟ أيهما أولى؟ الثاني وهو أن نصحح النية، وكيف نصحح النية؟ من المعلوم في الوقت الحاضر أن الإنسان لا يمكن أن يرتقي إلى مكان ومنزلة ينفع بها الناس إلا إذا كان معه شهادة، ولهذا إذا قال: ليس معي شهادة، ركلوه، فإذا طلبت العلم في هذه المدارس والمعاهد والجامعات من أجل أن تنال الشهادة التي ترتقي بها إلى مكان تنفع الناس به، فهذه النية نية صحيحة يثاب عليه العبد، فأنت -يا أخي- ادخل المدارس والمعاهد والجامعات بنية أنك تريد شهادة تتمكن بها من نفع الناس تكون مديراً تكون وزيراً تكون أستاذاً؛ لأنه لا توجد مرتبة كهذه إلا إذا كان لديك شهادة.