للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مفسدات الصوم]

هذا هو الحكمة من الصيام، أما الصيام الظاهري صيام البدن فهو عن الأشياء الآتية: أولاً: الأكل والشرب والجماع، فقد قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة:١٨٧] أي: الإفضاء إليهن بالجماع {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} [البقرة:١٨٧] هنا اسمع {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة:١٨٧] هذا تابع للمباشرة {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:١٨٧] هذه ثلاث مفطرات إذا فعلها الإنسان فسد صومه، فلو جامع فسد صومه، ولو أكل فسد صومه، ولو شرب فسد صومه.

الرابع: أن يستقيء فيقيء، إذا استقاء الإنسان أي: حاول أن يخرج ما في معدته من الطعام والشراب فخرج فسد صومه، وأما إذا قاء غير متعمد فلا يفسد صومه، والدليل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيءُ فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض) ومعنى ذرعه القيء أي: غلبه، فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض.

الخامس: الحجامة إذا ظهر الدم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) فإذا احتجم الصائم وخرج منه دم أفطر لهذا الحديث، لا تقل: هذا ليس بأكل ولا شرب والقيء ليس بأكل ولا شرب، بل قل: سمعنا وأطعنا.

السادس: ما كان بمعنى الأكل والشرب: وهو الحقن التي يستغنى بها عن الأكل والشرب، اذهب المستشفى واسأل فيه عن حقن تحقن بالبدن تغني عن الأكل والشرب، وهناك حقن لا تغني عن الأكل والشرب لكن الذي يفطر هو الأول؛ لأنه يستغنى بها عن الأكل والشرب ويسميها (العوام) المغذي، أما الإبر غير المغذية فلا تفطر، والإبر المقوية لا تفطر، والإبر للدواء لا تفطر سواءٌ كانت في العضلات أو في الوريد أو في أي مكان، لا يفطر من الإبر إلا ما كان مغذياً فقط.

السابع: إنزال المني بلذة بفعل من الصائم، سواءٌ كان بالاستمناء وهو ما يُسمى بالعادة السرية، أو كان بتمرغ على الفراش، أو كان بتقبيل امرأته، أو بضمها، أو بتكرار النظر إليها، فإن الصوم يفسد؛ لقول الله تعالى في الحديث القدسي في الصائم: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) وهذه شهوة.

لكن إن أمذى بذلك، أي: قبَّل امرأته فخرج منه المذي فإن الصوم لا يفسد؛ لأنه لا دليل على فساده.

وسأعطيك أيها الأخ السامع إذا شرع الإنسان في العبادة على وجه شرعي فإنه لا يجوز أن يفسدها إلا بدليل شرعي، الأمر ليس إلينا إنما الأمر إلى الله، وهذا الرجل شرع في الصيام واستمر صائماً على وجه شرعي فلا يجوز أن نقول: إذا أمذى فسد صومه، إلا إذا كان عندنا دليل شرعي ولا دليل على هذا، ولا يمكن أن يقاس المذي على المني لما بينهما من الفروق الحسية والحكمية والذاتية، فهذا يختلف عن هذا.

الثامن: خروج دم الحيض، فإذا خرج من المرأة دم الحيض ولو قبل الغروب بدقيقة واحدة أو أقل فسد صومها، وإن غابت الشمس قبل أن تحيض ثم حاضت بعد الغروب بلحظة فصومها صحيح.

وأما ما اشتهر عند النساء أن المرأة إذا حاضت بعد الفطور قبل أن تصلي المغرب فسد صومها، فهذا لا أصل له، ولم يقل به أحد من العلماء.

فإن قال قائل: ما دليلك على أن المرأة إذا كانت صائمة ونزل منها دم الحيض فسد صومها؟ نقول: دليلنا على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) .

التاسع: خروج دم النفاس، وهو ما يحصل عند الولادة مع الطلق، فإذا أحست المرأة وهي حامل بالطلق ونزل منها الدم فسد صومها، هذا إذا كان قبل الولادة بيومين أو ثلاثة، أما إذا كان الدم قبل هذه المدة فهو دم فساد لا يفسد الصوم.