للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة العمرة]

إذا وصلت إلى الميقات فاغتسل كما تغتسل للجنابة، ثم تطيب، ثم البس الإزار والرداء وهما ثياب الإحرام، هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تلبس ثياب زينة تكون متبرجة بذلك.

ثم صل ركعتين سنة الوضوء أو إذا كانت الفريضة وقتها حاضر فصل الفريضة، ثم بعد ذلك اركب سيارتك وقل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك عمرة، فتلبي بالعمرة وتستمر في التلبية وتكثر منها وترفع صوتك بها إذا كنت رجلاً، أما المرأة فتسر بها.

واعلم أنه لا يسمع صوتك شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد لك يوم القيامة.

فإذا وصلت إلى مكة فبادر بأداء العمرة.

اذهب إلى المسجد الحرام، وتدخل المسجد فتقدم رجلك اليمنى وتقول: باسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، كسائر المساجد، ثم تتقدم إلى الكعبة، وتبدأ بالطواف فتحاذي الحجر الأسود، تتجه إليه وتستقبله، فإن قدرت على أن تصل إليه بسهولة بدون مشقة عليك ولا على الناس فافعل وقبله وامسحه باليد، وإن لم تقدر فالإشارة كافية، وفي هذا الطواف يسن للرجل شيئان: الشيء الأول: الاضطباع وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر في جميع الطواف، ولا يضطبع قبل الطواف، ولا يضطبع إذا فرغ من الطواف.

الشيء الثاني: يسن الرمل، ولكن الرمل إنما يسن في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وأما الأربعة الباقية فيمشي فيها كما يمشي على عادته.

ماذا يقول عند استلام الحجر؟ يقول عند أول مرة: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إذا دار وحاذى الحجر يقول: الله أكبر فقط.

وماذا يقول عند استلام الركن اليماني؟ لا يقول شيئاً لا تكبيرة ولا تسمية؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وماذا يفعل في الركن اليماني؟ يستمله بيده فقط، يعني: يمسح عليه بيده اليمنى فقط، ولا تقبيل فيه، ولا تشر إليه لو لم تتمكن من الاستلام، وبين الركن اليماني والحجر الأسود يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١] فإن كان المطاف زحاماً وانتهيت من هذا الدعاء قبل أن تحاذي الحجر الأسود فكرره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، كرر ثلاثاً أربعاً خمساً حتى تصل إلى الحجر الأسود.

وماذا تقول في بقية الطواف؟ تقول ما شئت من ذكر ودعاء وقراءة قرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبـ الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) وأما الكتيب الذي بأيدي كثير من الحجاج والعمار الذي فيه لكل شوط دعاء؛ فإنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخصص كل شوط بدعاء.

فإذا أتممت سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:١٢٥] وصل ركعتين خلف المقام تقرأ في الأولى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:١] وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ثم تنصرف ولا تمكث في هذا المكان لا لدعاء ولا لغيره؛ لأن غيرك من الطائفين أحق منك، إذا أديت السنة فلا تحجزه على غيرك.

ثم إذا فرغت من الركعتين فاذهب إلى الركن، أي: إلى الحجر الأسود واستلمه، أي: امسحه بيدك اليمنى بدون تقبيل وبدون تكبير، فإن لم يتيسر فلا تذهب ولا بإشارة، اخرج إلى الصفا، فإذا دنوت من الصفا، فاقرأ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:١٥٨] واقرن ذلك بقولك: أبدأ بما بدأ الله به، واصعد الصفا، حتى ترى الكعبة، ثم استقبلها رافعاً يديك رفع الدعاء هكذا، تكبر ثلاثاً، وتقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.

ثم تدعو بما شئت، ثم تعيد الذكر مرة ثانية، ثم تدعو، ثم تعيده مرة ثالثة، ثم تنزل متجهاً إلى المروة، وحينئذ تجد بين يديك عمودين أخضرين، فالسنة للرجل فيما بين هذين العمودين أن يسعى سعياً شديداً -أي: يركض ركضاً شديداً- إذا كان المسعى واسعاً، أما إذا كان ضيقاً فلا تتعب نفسك ولا تتعب غيرك، وامش كما يمشي الناس، فإذا وصلت إلى العلم الآخر فامش ولو كان في المسعى سعة، امش مشياً عادياً إلى أن تصل إلى المروة فتصعد عليها، وتستقبل القبلة وترفع يديك وتقول: ما قلته على الصفا، هل يكرر الساعي قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة:١٥٨] كلما أتى على الصفا أو كلما أتى على المروة؟ لا.

ولا تغتر بفعل العامة، هذه الآية لا تتلى إلا إذا دنوت من الصفا أول مرة فقط.

وماذا يقول الساعي في بقية سعيه؟ يقول ما شاء، إلا أنه يروى عن ابن مسعود أنه كان يقول بين العلمين وهو يركض: (رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم) فإن قلتها فحسن، وإن قلت غيرها فحسن، ليس فيه توقيت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا أتممت سبعاً وهنا أسأل: أين يكون الختام على الصفا أم على المروة؟ يكون على المروة، لكن إن قالت لك نفسك عند الصفا: إنك قد أتممت فهذا خطأ؛ لأنك إما أن تكون زدت شوطاً أو نقصت، لا يمكن أن يكون آخر السعي إلا على المروة، فإذا أتممت السعي سبعاً فقصر من شعر رأسك، وليكن التقصير تقصيراً مجزئاً عاماً لكل الرأس، فلا يجزئ أن يقص شعرات من رأسه ولو من كل جانب، بل لا بد أن يشمل الرأس بحيث يظهر على الرأس أنه مقصر، وبذلك تحل الحل كله، وتعود كما كنت قبل الإحرام، تلبس ما شئت مما أباح الله، وتتطيب، وإذا كان أهلك معك فهم حلال، وتبقى محلاً إلى يوم الثامن من ذي الحجة.