للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الثاني: من الذي يجب عليه الحج؟]

الذي يجب عليه الحج هو المسلم البالغ العاقل المستطيع، لقول الله تبارك وتعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} [آل عمران:٩٧] .

والاستطاعة نوعان: استطاعة بالبدن، واستطاعة بالمال، فالاستطاعة بالمال شرط للوجوب، والاستطاعة بالبدن شرط للأداء، فإذا كان الإنسان فقيراً ليس عنده مال، فإنه لا يجب عليه الحج، إذا كان يحتاج إلى راحلة؛ لأنه لا يستطيع ولو كان بدنه قوياً، وإذا كان عنده مال لكن لا يستطيع أن يحج ببدنه؛ لأنه ضعيف كبير أو مريض مرضاً لا يرجى برؤه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه، فالاستطاعة بالبدن شرط للأداء، والاستطاعة بالمال شرط للوجوب.

ومن الاستطاعة بالمال ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان عليه دين فإنه لا يلزمه الحج، ولا يأثم بتركه، ولو مات وهو لم يحج؛ فإنه لا يعاقب؛ لأنه ليس بقادر، إذ أن قضاء الدين أهم من الحج، وإسقاط الله الحج عن المدين من رحمته به، فينبغي للإنسان أن يقبل رخصة الله، وأن يقضي دينه أولاً ثم يحج ثانياً، إذ لو حج بالمال، لفات من قضاء دينه بمقدار ما أنفق على حجه، وأضرب لكم مثلاً في رجل عليه خمسة آلاف ريال ديناً، فإذا حج فسوف ينفق ألف ريال على الأقل، إذن فات من قضاء الدين ألف ريال، نقول: اصرف الألف في قضاء دينك، فإذا صرفته في قضاء دينك لم يبق عليك من قضاء دينك إلا أربعة آلاف ريال، واقبل رخصة الله، لا تكلف نفسك، فإن قال قائل: وهل يشمل ذلك الدين الذي لصندوق التنمية العقارية؟

الجواب

إذا كان الإنسان يستطيع الوفاء كلما حل القسط، وبيده الآن مال يمكنه أن يحج به، وهو يعرف أنه إذا حل القسط استطاع الوفاء به، فإنا نقول: إن هذا الرجل قادر فليحج، أما إذا كان لو أنفق ما عنده في الحج، لحل القسط وليس بيده شيء فإنا نقول: لا تحج، وادخر ما عندك من المال للقسط، ولا تظن أنك تأثم بذلك؛ لأن بعض الناس يقول: كيف أموت وأنا ما حججت؟ نقول: أرأيت لو كنت فقيراً ولم تزك، هل تندم إذا مت وأنت لم تزك؟ لا تندم، فإذا كان الإنسان إذا مات فقيراً لا يملك مالاً ولم يزك، فإنه يموت على ملة تامة لا نقص فيها، أي لا نقص فيها نقصاً يأثم به، فكذلك إذا كان عليه دين ولم يحج ثم مات فإنه يموت على ملة تامة ليس فيها نقص يأثم به، وهذا من نعمة الله.