للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة إلى أولياء الأمور ولابسات النقاب]

السؤال

فضيلة الشيخ: كثر في الأسواق اليوم لبس النقاب، وهي ظاهرة انتشرت عند النساء خاصة في مثل هذه البلاد التي اعتاد الناس فيها على الحجاب، فما نصيحتك لأولياء الأمور، وهم يدعون نساءهم ولا يعلمون على أي حال يدخلن في هذه المحلات وفقك الله لكل خير؟

الجواب

دخول النساء للمحلات محلات البيع والشراء خطر عظيم على المرأة وعلى صاحب المحل، لأنها إذا دخلت وخلا بها فحينئذ يأتي الشيطان: (وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) كما قال صلى الله عليه وسلم، وأنا أعجب من بعض الناس يقف عند الدكان وهو في سيارته، ويدع المرأة تبايع الرجل، وربما تدخل الدكان وهو يشاهدها ولا يهتم بذلك فأين الغيرة؟ وأين الإيمان؟ وأين الرجولة؟ والذي ينبغي إذا كان ولا بد أن تذهب معك المرأة فاجعلها هي في السيارة وتقول: ماذا تريدين من البضاعة، وتأتي لها بالبضاعة، أما أن تبقى أنت في سيارتك وهي تذهب إلى المتجر، وتدخل المتجر، ويكلمها الرجل ولا يدري ما وراء ذلك، فهذا غلط عظيم.

أما بالنسبة للنقاب؛ فالنقاب لا شك أنه كان موجوداً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وأن من عادة النساء لبس النقاب، لكن أتعرفون النقاب الجائز؟ هو ما فتح فيه للعينين فقط، ونحن الآن فيما نرى لو أننا مكنا النساء من هذا النقاب لكان اليوم نقاباً شرعياً وغداً سيكون غير شرعي، لأن النساء يتوسعن، ربما تبقى شهراً أو شهرين لا تنقب إلا لعينيها نقبة صغيرة، ثم بعد ذلك تنزل النقبة توسعها شيئاً قليلاً، وبعد ذلك أيضاً توسع أكثر، ثم يأتي دور اللثام، وفيه لا تجعل نقاباً إطلاقاً، بل تجعل لثاماً يغطي الفم والأنف والباقي مفتوح، ومعلوم أن الشيء إذا كان ذريعة إلى محرم، فلنا أن نمنعه من باب السياسة الشرعية وإن كان جائزاً في الأصل.

ولقد كان لـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه من هذا الحظ الوافر، فقد كان بيع أمهات الأولاد -وأم الولد هي الأمة التي ولدت من سيدها- جائزاً في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وفي عهد أبي بكر، ولكن الواحد منهم كان لا يبيع أم ولد لها ولد، ثم توسع الناس في ذلك فبدأ الرجل يبيع الأمة ولها ولد عنده، فمنع عمر رضي الله عنه من ذلك، أي منع بيع أمهات الأولاد مع أنه في الأصل جائز.

كذلك كان الرجل إذا طلق زوجته ثلاث مرات، قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال: أنت طالق ثلاثاً، كان يملك الرجعة ويراجع بلا عقد، فكثر هذا العمل في عهد عمر، فلما رأى الناس قد أكثروا منه وهو حرام منعهم من الرجوع، قال: لا يمكن أن ترجع زوجتك، أنت طلقت ثلاثاً تريد أن تبين منك فنجعلها تبين، ولهذا قال: أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم.

فالحاصل أننا نرى منع النقاب خوفا من التوسع فيه، أما أصله فهو جائز، وليس لنا أن نحرم ما أحل الله، لكن لنا أن نمنع الحلال خوفاً من ارتكاب الحرام.