للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم استعمال الإشارة في أحاديث الصفات لتقريب معنى الصفة ونحوه]

معلم يعلم الناس، ففي مبحث الصفات في العقيدة تراه يشير لتقريب الفهم، فمثلاً إذا أورد حديثاً في تجلي الرب لموسى أظهر خنصره، فيشير بالخنصر أو نحوه من أحاديث الصفات، فهل هذا العمل يسوغ؟ وإذا كان سائغاً فعلامَ يحمل نهي بعض السلف عن ذلك، كقول الشافعي وغيره، وجزاكم الله خيراً؟

هذه مسألة خطيرة، ولسنا أحرص من النبي صلى الله عليه وسلم على إبلاغ الأمة، ولم يكن من عادته أنه صلى الله عليه وسلم يشير إذا تكلم عن الصفات، فإنه حدث أمته أن الرب عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل فيقول: (من يدعوني فأستجيب له) .

وهل الرسول صلى الله عليه وسلم قدم رجله ليرى الناس كيف ينزل الله؟ أبداً.

وقال: (إنه يأتي للفصل بين عباده يوم القيامة) ولم يقل هكذا وهكذا، وكذلك استوى الله على العرش ولم يقل كاستوائي على السرير، أو يحاول أن يكيف ذلك.

ولا شك أن الذي يُحدِّث العامة ثم يشير بيده إلى معنى الصفة لا شك أنه سوف يجعل في قلوب العامة التمثيل -أي: سينتقلون من المعنى إلى التمثيل- لأن العامي لا يفهم ولا يفكر، فنقول لمن أراد أن يبين أو أن يبلغ عن الله ورسوله ما أخبر الله به عن نفسه من الأسماء والصفات، نقول: يكفيك هدي النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم إنه قد يورد علينا: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)) [النساء:٥٨] ووضع إصبعه على عينه والثانية على أذنه) ، فنقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد بيان تحقيق هذه الصفة، ثم إنه يحدث قوماً عندهم فهم وعندهم وعي، أما العامة ولا سيما في وقتنا هذا فإنهم لو حدثوا بوصف كل الصفات بالفعل لكان لبعضهم فتنة، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: [إنك لن تحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم؛ إلا كان لبعضهم فتنة] وقال علي رضي الله عنه: [حدثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟] .

فإذا أورد علينا شخص مثل هذا الذي وقع من النبي صلى الله عليه وسلم في السمع والبصر، أو في قبض السماوات يوم القيامة، فإنا نقول له: لكل مقام مقال، ثم إننا نقتصر على ما جاء به النص فقط، فلا يشير في شيء آخر؛ لأنه لم يرد فيه النص.