للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أيهما أولى: متابعة الإمام في الزيادة في الصلاة أم مخالفته؟]

حدث معنا مَرَّةً في الصلاة -يا شيخ- التالي: صلى بنا الإمام -جزاه الله خيراً- وفي بدء الركعة الثانية تدارك أنه ليس على طهارة، فانسحب وأحضر المؤذنَ، وقال له: أعد الصلاة، فكبر، وأعاد الصلاة من أولها، فجميع المصلين المأمومين صلوا خمساً؛ لأنهم احتاروا ماذا يفعلون! إلا ثلاثة فقط صلوا الرباعية وخالفوا الإمام الثاني، فأكملوا أربع ركعات، ولم يزيدوا الخامسة معه، أي: أنهم جلسوا بعد تمام أربع ركعات ولم يواصلوا مع الإمام الثاني، وبعد ذلك تقدم أحد الإخوة من الذين عندهم بعض العلم، فقال للإخوان الذين صلوا خمس ركعات: عليكم جميعاً أن تعيدوا صلاتكم، فقال له أحد الإخوة: إنهم احتاروا، وما كان عليهم إلا أن يتابعوا الإمام الثاني سلامةً، فهل يعتبر أنهم تعمدوا الخامسة، ولذلك عليهم الإعادة؟ أم أن متابعتهم للإمام الثاني كانت من باب الحيطة، ولذلك ليس عليهم إلا سجود السهو؟ فما هو الأفضل؟

الأفضل في هذه الصورة إذا تذكر الإمام أنه ليس على طهارة أن يُخَلِّف مَن يصلي بهم بقية الصلاة بدون استئناف، فيقول مثلاً للمؤذن أو لمن وراءه ممن يمكن أن يصلي بالجماعة: يا فلان! تقدم فأكمل الصلاة بهم، ثم يكمل الصلاة بهم، ويبني على ما فعله الإمام الأول، إلا أنه في قراءة الفاتحة ينبغي أن يقرأها من أولها؛ ليكون الركن من إمام واحد، والباقي يكمله على ما هو عليه.

هذا هو الأفضل.

وإذا لم يفعل هذا بأن انصرف ولم يوكل أحداً ليقوم مقامه، فللمأمومين أن يقدموا واحداً منهم يكمل بهم، فإن لم يفعلوا أتموا فرادى.

وأما استئناف الصلاة فقد قال به بعض أهل العلم؛ لكن لا وجه له؛ لأن المأمومين معذورون، لا يدرون عن حَدَث الإمام، ولو علموا بحدث الإمام ما صلوا وراءه، ولَنَبَّهوه قبل أن يصلي بهم.

أما بالنسبة لهؤلاء الذين صلوا خمساً بناءً على أن هذا هو الواجب عليهم فليس عليهم شيء، ولا تلزمهم الإعادة؛ لأنهم معذورون بالجهل، ومجتهدون متأولون، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:٢٨٦] والمتاول لا سيما الباني على أصل ليس عليه شيء، ولهذا لم يأمر النبي عليه الصلاة والسلام المرأة المستحاضة أن تقضي ما فاتها من الصلاة التي كانت تتركها بناءً على أن الاستحاضة حيض، وكذلك ليس عليهم سجدةُ سهو؛ لأنهم لم يسَهَوا.