للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (لعلكم تتقون)]

بين الله عز وجل الحكمة من فرضية الصيام فقال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣] لم يقل: لعلكم تجوعون، أو تعطشون، أو يشق عليكم مجانبة الأهل، بل قال: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:١٨٣] فهذه هي الحكمة من فرض الصوم، ولهذا جاء في الحديث: (رب صائمٍ حظه من صيامه الجوع والظمأ) فما هي التقوى؟ التقوى عبارة عن اتخاذ وقاية من عذاب الله، ولا وقاية من عذاب الله إلا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

ولهذا نقول: التقوى: فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، وهذا أجمع تعريفٍ للتقوى.

وقد بين الرسول عليه الصلاة والسلام شيئاً من ذلك بقوله: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) فالذي لا يدع هذه الأشياء فإن الله سبحانه وتعالى لا يريد منه أن يدع الطعام والشراب؛ لأن هذا قد يكون فيه تعذيب للنفس والله تعالى يقول: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء:١٤٧] فالله عز وجل يريد منا أن ندع قول الزور والعمل به والجهل، وهذه هي الحكمة من الصوم، فلينظر الإنسان في نفسه هل قام بهذه الحكمة وهذه الغاية الحميدة أو كان صيامه فقط هو الإمساك عن الأكل والشرب والنكاح؟!