للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما ينهى عن لبسه في الإحرام]

ومن المحرمات في الإحرام ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل ما يلبس المحرم، قال: (لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف) خمسة أشياء لا يلبسها المحرم هي: القميص: وهو الثوب الذي يسمى الدرع، وهو كثيابنا التي نلبسها اليوم.

والعمامة: وهي التي تلف على الرأس ومثلها الغترة، والطاقية، بل قد ثبت في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قصة الرجل الذي وقصته راحلته وهو واقف بـ عرفة فمات رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه، ولا تحنطوه، فإنه يأتي يوم القيامة ملبياً) .

ومعنى (لا تخمروا رأسه) أي: لا تغطوه، وانتبه لقوله صلى الله عليه وسلم: (وكفنوه في ثوبيه) فلو مات المحرم فلا نذهب إلى السوق ونأتي بخرقة نكفنه فيها، بل نكفنه في لباس الإحرام الذي مات وهي عليه، فغير المحرم معروف أنه يلف إذا مات بثلاث لفائف، لكن المحرم يكفن في إزاره وردائه ولا يغطى رأسه؛ لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، يعني: يقوم من قبره يقول: لبيك اللهم لبيك.

ونظيره في الجهاد: الرجل الذي يستشهد فيموت، يدفن في ثيابه، ويبعث يوم القيامة وجرحه يثعب دماً -أي: يسيل- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللون لون الدم، والريح ريح المسك) .

والسراويلات: معروفة.

والبرانس: ثياب واسعة يكون لها شيء يغطي الرأس متصلاً بها، وأظن بعضكم قد رأى هذا النوع من اللباس، وأكثر من يلبسه أهل المغرب.

ولا الخفاف: يعني: (الكنادر) وكذلك الجوارب مثلها لا يلبسها المحرم.

ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس الخفين) فرخص النبي صلى الله عليه وسلم لمن لا يجد إزاراً أن يلبس السراويل، ولمن لا يجد نعلين أن يلبس الخفاف.

ولو أن إنساناً لبس فنيلة ليس فيها خياطة بأن تكون كلها منسوجة نسجاً فهذا حرام أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع السراويل، وهي تستر أسفل البدن، كذلك الفنيلة تحرم؛ لأنها تستر أعلى البدن، ولو لبس إزاراً مرقعاً مخيطاً فإنه لا يحرم، وكذلك لو لبس نعالاً مخروزة فلا تحرم أيضاً.

إذاً: أريد أن أخرج من أذهانكم فكرة بعض الناس حيث يظن أن كل شيء فيه خياطة فهو حرام، وهذا ليس بصحيح، فالحرام ما حرمه الله ورسوله، وعلمتم الآن أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم في اللباس خمسة أشياء، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم ينص على المخيط أبداً.

ولهذا نقول: لو أننا عبرنا بما عبر به الرسول صلى الله عليه وسلم لكان أحسن؛ لأننا إذا قلنا: يحرم على المحرم لبس المخيط ساء فهم بعض الناس معناها، ولهذا كثيراً ما يسأل الناس إذا لبس أحدهم إزاراً مخيطاً: هل هو محرم؟ نقول: ليس بحرام فالرسول صلى الله عليه وسلم حدد خمسة أشياء فلا يحرم غير هذه الخمسة، إلا ما كان في معناها، فلو أن الإنسان لبس ساعة يد لم يكن ذلك حراماً عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يلبس) وعد الأشياء التي لا تلبس، وما سوى ذلك فإنه يلبس، ولو أن رجلاً تلفلف بالقميص، أي: جعله لفافة على صدره فهذا جائز وليس بحرام؛ لأنه لم ينه عن لبسه.

إذاً: يحرم على المحرم أن يلبس هذه الأصناف من اللباس، وما كان بمعناها فهو مثلها، فعليه لو أن إنساناً لبس مثلها على أكتافه لقلنا: هذا حرام؛ لأنه يشبه البرانس مثلاً أو قريب من البرانس جداً فيكون حراماً، لكن لو جعله لفافة تلفلف به، فجعل أعلاه أسفله، وجعله مثل الرداء لكان جائزاً، وتحريم هذه الأشياء الخمسة خاص بالرجال.