للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحقوق على المسلمين فيما بينهم]

فضيلة الشيخ! في الحديث: (حق المسلم على المسلم ست.

) بعضها واضح أنها من السنة كالسلام لكن بعضه يختلف ويشتبه هل هو واجب أو سنة فالحديث: (حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا دعاك فأجبه) وفيما معنى الحديث: اتباع الجنازة، وعيادة المريض، وإذا عطس فحمد الله فشمته؟

هذه الحقوق التي ذكرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، منها ما هو واجب، ومنها ما هو سنة، والأصل في الحق أنه واجب، لأن كلمة حق بمعنى: ثابت، والثبوت من أوصاف الواجب، لكن إذا دلت الأدلة الأخرى على أن هذا الشيء ليس بواجب عملنا بها، وإلا فالأصل الوجوب، فمثلاً: (إذا لقيته فسلم عليه) ابتداء السلام لا نقول أنه واجب، ولا نقول غير واجب، في حدود ثلاثة أيام لا بأس أن يهجر الإنسان أخاه وما زاد على الثلاثة فإنه حرام، وعلى هذا فالسلام الذي يزول به الهجر واجب، ولا يجوز تركه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ، وبهذه المناسبة أود أن أبين أن الهجر بين المسلمين محرم، هذا هو الأصل، لكن رخص الشارع في الهجر ثلاثة أيام؛ لأن الإنسان قد يكون بينه وبين أخيه شيء من المخاصمة والنزاع والاختلاف في الرأي فيغضب عليه، فجعل له الشرع ثلاثة أيام ليزول ما في نفسه، وإلا فالأصل أن الهجر حرام.

فإن قال قائل: هجر أهل المعاصي هل هو واجب؟ الجواب: نقول: إن كان هجرهم يفيد توبتهم من المعاصي فاهجرهم، وإن كان لا يفيد فلا تهجرهم؛ لأن الهجر لا يزيد الطين إلا بلة، ولا يزيد هذا العاصي إلا تمادياً في معصيته كما هو مشاهد، فالهجر دواء، إن نفع فاستعمله وإلا فلا.

وأما تشميت العاطس إذا حمد الله فهو واجب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (حق على كل من سمعه أن يقول له: يرحمك الله) يعني: إذا عطس فحمد الله.

وأما عيادة المريض فالصحيح أنها فرض كفاية، وأنه لا يجوز للمسلمين أن يكون أخوهم مريضاً ولا يعوده منهم أحد، بل لا بد أن يعاد، ولكنه فرض كفاية: إذا قام به من يكفيه سقط عن البقية.

وأما اتباع جنازته فهو فرض كفاية أيضاً، فلا بد من اتباع جنازته وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ولا يجوز للمسلمين أن يتخلفوا عن ذلك.

فهذه الحقوق التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما هو واجب ومنها ما ليس بواجب، والأصل أنها واجبة.