للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وما أدراك ما هيه نار حامية)]

قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [القارعة:١٠] هذا من باب التفخيم والتعظيم لهذه الهاوية والعياذ بالله، يسأل: ما هي؟ أتدري ما هي؟ إنها لشيء عظيم، إنها {نَارٌ حَامِيَةٌ} [القارعة:١١] ، في غاية ما يكون من الحمو وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنها فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءاً) إذا تأملت نار الدنيا كلها سواء نار الحطب، أو الورق، أو (البوتوغاز) أو أشد من ذلك فإن نار جهنم مفضلة عليها بتسعة وستين جزءاً نسأل الله العافية.

في هذه الآية: التخويف والتحذير من هذا اليوم، وأن الناس لا يخرجون عن حالين: إما رجل رجحت حسناته، أو رجل رجحت سيئاته، وفيها أيضاً دليل على أن يوم القيامة فيه موازين، وقد جاء في بعض النصوص: أنه ميزان، فهل هو واحد أو متعدد؟ قال بعض أهل العلم: إنه واحد وإنما جمع باعتبار الموزون؛ لأنه يوزن فيه الحسنات والسيئات، وتوزن فيه حسنات فلان وفلان، وتوزن فيه حسنات الأمة هذه والأمة الأخرى، فهو مجموع باعتبار الموزون لا باعتبار الميزان وإلا فالميزان واحد.

وقال بعض أهل العلم: إنها موازين متعددة، لكل أمة ميزان، ولكل عمل ميزان فلهذا جمعت.

والأظهر والله أعلم: أنه ميزان واحد لكنه جمع باعتبار الموزون على حسب المال أو على حسب الأمم أو على حسب الأفراد.

وفي هذه الآية: دليل على أن الإنسان إذا تساوت حسناته وسيئاته فإنه قد سكت عنه في هذه الآية، ولكن بين الله تعالى في سورة الأعراف أنهم لا يدخلون النار وإنما يحبسون في مكان يقال له (الأعراف) وذكر الله تعالى في سورة الأعراف ما يجري بينهم وبين المؤمنين وأنهم {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:٤٧] .

نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن رجحت حسناته على سيئاته، وأن يغفر لنا ولكم، ويعاملنا بعفوه إنه على كل شيء قدير.