للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله)

قال تعالى: {يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار:١٩] في يوم القيامة لا أحد يملك لأحد شيئاً لا بجلب خير ولا بدفع ضر إلا بإذن الله عز وجل لقوله: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} في الدنيا هناك أناس يأمرون من الأمراء والوزراء والرؤساء والآباء والأمهات لكن في الآخرة لا يمكن, الأمر لله عز وجل: {لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} إلا بإذن الله, ولهذا كان الناس في ذلك اليوم يلحقهم من الغم والكرب ما لا يطيقون، ثم يطلبون الشفاعة من آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى, حتى تنتهي إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيشفع بإذن الله, فيريح الله العالم من الموقف: {وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} فإن قال قائل: أليس الأمر لله في ذلك اليوم وفي غيره؟ قلنا: بلى، الأمر لله تعالى في يوم الدين وفيما قبله, لكن ظهور أمره في ذلك اليوم أكثر بكثير من ظهور أمره في الدنيا؛ لأنه في الدنيا يخالف الإنسان أوامر الله عز وجل, ويطيع أمر سيده, فلا يكون الأمر لله بالنسبة لهذا, لكن في الآخرة ما في إلا أمر لله عز وجل, وهذا كقوله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:١٦] والملك لله في الدنيا والآخرة, لكن في ذلك اليوم يظهر ملكوت الله عز وجل وأمره، ويتبين أنه ليس هناك آمر في ذلك اليوم إلا الله عز وجل.

وإلى هنا انتهى ما تيسر من الكلام على سورة الإنفطار.