للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[جمع الصلاة في أثناء المطر]

هل يجوز جمع الصلاة في الليلة المطيرة, يعني: أن المطر ينزل ويقف, ومرات يكون كثيراً يبل الثياب, ومرات يكون رذاذاً, ولو لم يكن المطر موجوداً وقت الصلاة, وإذا كان رذاذاً؟

أولاً: لابد أن نعلم أن الصلاة كما قال الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} [النساء:١٠٣] (كِتَاباً) أي: فرضاً, (مَوْقُوتاً) أي: موقتاً بوقت, لا يجوز تقديمها ولا تأخيرها, فإذا كان كذلك فإنه لا يمكن أن نجمع بين صلاتين إلا إذا تحققنا من وجود العذر, وعند الشك هل هذا عذر يبيح الجمع أم لا؟ لا يجوز أن نجمع مع الشك, فالمطر -مثلاً- إذا كان ينزل ونرى أنه يبل الثياب, ومعنى يبل الثياب: أن الثوب يحتاج إلى عصر من هذا المطر, ليس مجرد أن تقع القطرة من الماء ثم يبتل الثوب, هذا ليس عذراً, لكن إذا كان يبلها بحيث يكون فيها ماء إذا عصر خرج, هذا يبل الثياب, أما مجرد الرذاذ فإنه لا يبيح الجمع, إلا إذا كان هناك وحل في الأرض أو مياه ومستنقعات تشق على الناس فلا بأس, فالجمع للمطر إما لعذر في الأرض وإما لعذر في السماء, والعذر في الأرض هو الوحل والمستنقعات التي تتعب الناس, والعذر في السماء هو المطر الغزير الذي يبل الثياب, أما مجرد النقط فلا.

قد يقول بعض الناس: الآن هناك نقط صغيرة قليلة, والسماء مغيمة تماماً فيها سحاب ورعد وبرق، وهناك احتمال أن ينزل مطر كثير, نقول: نعم الاحتمال وارد, لكن شيء لم ينزل علمه عند الله عز وجل, ربما ينزل وربما لا ينزل, فما دام العذر ليس موجوداً، فاحتمال أن يوجد العذر غير مسوغ للجمع, لكن لو فرضنا أنهم لم يجمعوا, ثم خرجوا لبيوتهم, ثم أمطرت السماء مطراً كثيراً فماذا يصنعون؟ نقول: يصلون في بيوتهم, فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقول: (صلوا في رحالكم) في الليلة المطيرة أو الشاتية الباردة كثيراً.

فالحاصل: أنه لا يجمع إلا إذا تحقق العذر, أما قبل تحقق العذر فلا يجوز الجمع, لكن إذا وجد ما يبيح الجمع بعد أن تفرق الناس فليصلوا في بيوتهم, وفي هذه الحال إذا كان البيت فيه جماعة فليصلوا جميعاً, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده, وصلاته مع رجلين أزكى من صلاته مع الرجل, وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) .