للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم عدم الاستنزاه من البول]

مما عمت به البلوى وفي هذا الزمان هو عدم التنزه عن البول, من الصغير والكبير, ومن الذكر والأنثى, والعالم والجاهل, وخاصة أثناء لبس الشراب في الشتاء, لأن دورة المياه قاسية أرضيتها؛ فلا بد أن يصل شيء من البول إذا لم يتحرز الإنسان, وكثير من الناس يتساهل في هذا الشيء, فما نصيحتكم وفقكم الله؟

لا شك أن التساهل في التطهر عند البول خطأ عظيم؛ لأنه من أسباب عذاب القبر كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: (إنهما ليعذبان, وما يعذبان في كبير -أي: في أمر يشق عليهما- أما أحدهما فكان لا يستتر من البول, -أي: لا يستنزه ولا يستبرئ منه- وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) ، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه) ، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين, فغرز على كل قبر واحدة, قالوا: لم فعلت ذلك؟ قال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا) .

وقد أخذ بعض العلماء رحمهم الله من هذا الحديث: أنه ينبغي إذا دفن الميت أن يغرز في قبره جريد من النخل الرطب أو غصن الشجرة أو ما أشبه ذلك, وهذا غلط عظيم, فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يضع هذا على كل قبر, إنما وضع هذا على قبرين يعذبان, فهل أنت تعلم أن هذا القبر يعذب حين وضعت هذه الجريدة؟ الجواب لا, إذاً: أنت الآن أسأت الظن بصاحب القبر حيث وضعت عليه الجريدة, يعني: كأنك تقول: هذا القبر يعذب وأنت لا تعلم, وإنما نبهت على ذلك لأن بعض العلماء قال: إنه ينبغي أن يوضع جريدة رطبة على القبر بعد الدفن أو غصن شجرة أو ما أشبه ذلك, وهذا لا شك أنه خطأ وليس من السنة.

ثم إن ما أشار إليه الأخ السائل من وضع المراحيض الآن وأنها صلبة فيقال: المراحيض صلبة لا شك, لكن المراحيض لها مكان خاص يكون فيها البول, وهو الحوض الذي يبول فيه الإنسان, وما كان خارج هذا الحوض فليس بنجس, والحوض إذا استعمل الإنسان الإبريق أو غيره فإنه في مأمن من أن يرش البول على جواربه أو على خفافه, ولا أرى في هذا بأساً.

نعم بعض الناس إذا أراد أن يستنجي يجعل عنده إناء يصب فيه الماء, ثم يغرف بيده من الإناء ويرش على فرجه, هذا هو الذي ربما يترشرش شيء من البول عليه, ولهذا لو استعمل -هذا الذي يضع الإناء- الإبريق لكان أحسن وأقرب إلى النظافة.