للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)]

قال تعالى: {وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات:١٤] :- ووجه ذلك: أن الإيمان في القلب، وهو صعب، والإسلام علانية في الجوارح، وكل إنسان يمكن أن يعمل في جوارحه عملاً متقناً من أحسن ما يكون.

فلقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج أنهم يقرءون القرآن، وأنهم يصلون، وأن الواحد من الصحابة يحقر صلاته عند صلاتهم وقراءته عند قراءتهم، ومع ذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إنهم يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم -نسأل الله العافية- وأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية) .

وهذا يدل على أن الإسلام يستطيعه كل إنسان، كل إنسان يمكن أن ينافق، يمكن أن يصلي ويسجد ويقرأ ويصوم ويتصدق وقلبه خالٍ من الإيمان، ولهذا قال: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} هنا التعبير {وَلَمَّا يَدْخُلِ} ولم يقل: ولم يدخل، قال العلماء: وإذا أتت لَمَّا بدل لَمْ كان ذلك دليلاً على قرب وقوع ما دخلت عليه.

فمثلاً إذا قلت: فلان لَمْ يدخل القرية ولَمَّا يدخلها، أي: أنه قريب منها.

وكذلك قوله تعالى: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص:٨] أي: لم يذوقوه ولكنه قريب منهم.

هنا قال: {لَمَّا يَدْخُلِ} أي: ما دخل الإيمان في قلوبهم ولكنه قريب من الدخول.