للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مفاسد البدع]

ونحن نتكلم الآن عن البدع من حيث هي، ومنها: الاحتفال بالمولد.

أي إنسان يحدث بدعة فإننا نقول له: إنك واقع في معصية الرسول عليه الصلاة والسلام، وفيما حذر عنه في قوله عليه الصلاة والسلام: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) وهذه مفسدة عظيمة.

- ومن مفاسد البِدَع: أنها نوع من الشرك، كما قال الله تبارك وتعالى، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:٢١] .

ولا يخفى أن الشرك لا يُغْفَر، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨] ، وظاهر الآية الكريمة: أن الشرك لا يُغْفَر ولو كان أصغر.

- ومن مفاسد البدع: أن فيها صداً عن سبيل الله؛ لأن الإنسان يشتغل بها عن العبادة الثابتة حقاً، فما ابتَدَع قومٌ بدعة إلا أضاعوا من السنة ما هو مثلها، أو أعظم منها.

- ومن مفاسد البدع: أنها تستلزم القدح في الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يبلغ ما أرسل به، أو كان جاهلاً به، ووجه ذلك: أننا إذا بحثنا في القرآن والسنة لم نجد هذه البدعة، فإما أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام غير عالم بها، وهذا قدح فيه عليه الصلاة والسلام وإما أن يكون عالماً لكن لم يبلغها الناس، وهذا قدح فيه أيضاً، في أنه لم يبلغ ما أرسل إليه.

- ومن مفاسد البدع: أنها تنافي قول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً} [المائدة:٣] ؛ لأن مقتضى المبتدع: أن الدين لم يَكْمُل؛ لأننا لا نجد هذه البدعة في دين الله، وإذا كانت من دين الله على زعم هذا المبتدع، وهي لم توجد فيه فإن الدين على زعمه لم يَكْمُل، وهذه مصادمة عظيمة؛ لقول الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:٣] .

- ومن مفاسد البدع: أن مبتدعها نَزَّل نفسه منزلة الرسول؛ لأنه لا أحد يشرع للخلق ما يقرب إلى الله تعالى إلا مَن أرسله الله عز وجل، ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

فهذا الذي ابتدع كأنه بلسان الحال يقول: إنه يُشَرِّع للناس ما يقرب إلى الله، وهذه تعني أنه مشارك للرسول صلى الله عليه وسلم في الرسالة.

- ومن مفاسد البدع: أنها قول على الله بلا علم، وهذا محرم بإجماع المسلمين، قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٣٣] .

ولها مفاسد أخرى لو تأملها الإنسان لوجدها تزيد على هذا بكثير؛ لكنَّا نقتصر على ذلك.