للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحكمة والتروي عند الإفتاء]

فضيلة الشيخ! هناك مجموعة من الموظفين تخصصاتهم فنية، اقتضت مصلحة العمل بتوليتهم أعمالاً إدارية في غير مكانهم الأول، ساعات العمل فيه أقل من المطلوب منهم لو كانوا في عملهم السابق، وهذا معروف على مستوى الوزارة، ويوم الخميس يتناوب عليه مجموعتان بموافقة مديرهم المباشر، ويُعَلَّل هذا بقلة العمل في هذا اليوم، فهل هذا الوضع جائز؟ علماً أن لهذا العمل الإداري بدلات لا يأخذونها بسبب اختلاف مسمى الوظيفة؟

هذا سؤال مهم، ولكن الذي يوجه السؤال هو المسئول عن المصلحة؛ لأني أرى أنه ليس من المصلحة أن يأتي موظف تحت مدير أو رئيس ويسأل عن عمل يعمله المدير أو الرئيس قد يكون مخالفاً للنظام ومخالفاً للأمانة، فمثل هذا ينبغي ألا يجاب؛ لأنه ليس بيده شيء، حتى لو أجبته هل يمكن أن يغير الوضع ما دام المدير مُصِرَّاً على ما يريد؟! لا يمكن أن يغير الوضع، بل ربما يزيد الأمر شدة، ربما يكون هذا الجواب ممن وُجِّه إليه السؤال، يتخذه السائل سلاحاً على هذا المدير لتشويه سمعته وحصول البلبلة، وأنا لست أقصد شخصاً بعينه، فالسائل هو مشكور على سؤاله؛ لكني أقصد على سبيل العموم، أنه لا ينبغي للمفتي أن يفتي في مثل هذه المسائل؛ لأنها لا تخدم المصلحة إطلاقاً، مَن الذي يتولى السؤال لو كان يريد السؤال؟ الرئيس أو المدير الذي يستطيع أن يغيِّر، أما فرد من أفراد هذه المجموعة يسأل، إذا قيل: هذا حرام، ولا يجوز، هذا خيانة، والراتب حرام، وما أشبه ذلك ما هي الفائدة؟! لا فائدة في الواقع.

ولهذا أنا أشكر إخواني الشباب الذين يجدون في أعمالهم مخالَفة ثم يسألون عنها، نشكرهم؛ لكن لا أرى أن يجاب عليها؛ لأن ذلك لا يخدم المصلحة.

ثم أنصح أيضاً القائمين على الأعمال أن يتقوا الله عز وجل وأن يمشوا على ما رسم لهم من فوق، وإذا رأوا المصلحة في خلافه فليقدموا تقريراً ومشورة إلى مَن فوقهم لتعديل الوضع؛ إلَاّ أن يُمَكَّنوا من ذلك ويقال: أنتم مؤتَمَنون، وأنتم أحرار على ما ترون من توجيه وتغيير اختصاصات الموظفين فهذا شيء آخر.

ثم إن مثل هذه الأسئلة أيضاً أحب من إخواني الشباب الحريصين أن يكون السؤال سراً بينهم وبين المسئولين؛ لأننا لا نحب أن تنتشر المعايب في جهات العمل والمؤسسات.

السائل: طَيِّبٌ! يا شيخ، يمكن أن يقع شراًَ؟ الشيخ: إذا قلتُ لك بجواب هذا السؤال، فهذا هو الجواب ولا يمكن.