للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضابط العرف في الإسراف وخروج المرأة إلى السوق]

فضيلة الشيخ: أشكل علينا كون العرف مرجعاً لضبط بعض الأفعال، وبالذات شراء الألبسة وخروج المرأة، ووجدنا من يشتري الثوب بستمائة ريال أو أكثر أو أقل، ويحتج بالعرف، وهل يعارض هذا ما جاء في السنة من الحث على التقلل والنهي عن التبذير وجزاكم الله خيراً؟

نعم.

العرف مرجع حيث لا يوجد في الشرع تحديد، أما إذا حُدَّ في الشرع فالشرع حاكم على العرف وليس العرف حاكماً على الشرع، وفي نَظْم القواعد:

كل ما أتى ولَمْ يُحَدَّدِ بالشرع كالحرز فبالعرف احْدُدِ

والله تعالى قد أحال على العرف في قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:١٩] .

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٢٨] .

{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٣٣] .

والأمثلة في هذا كثيرة.

ولكن إذا خرج الإنسان عن النطاق الذي ينبغي أن يكون عليه صار مسرفاً، وقد قال الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:٣١] .

فالناس الآن ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: ١- قسم طبقة عليا.

٢- قسم طبقة دنيا.

٣- قسم متوسط.

فلو أراد أصحاب الطبقة الدنيا أن يلبسوا ما تلبسه الوسطى، أو يأكلوا ما تأكله الوسطى، أو يركبوا ما تركبه الوسطى قلنا: هذا إسراف، يُنْهَون عنه.

ولو أراد أهل الطبقة الوسطى أن يلبسوا ما يلبسه الطبقة العليا، أو يركبوا ما يركبونه، أو يأكلوا ما يأكلونه، لقلنا: هذا إسراف.

ولو أراد أهل الطبقة العليا أن يلبسوا ويشربوا ويأكلوا ويسكنوا ما يكون للطبقة السفلى قلنا: هذا بخل؛ إلا إذا أراد التواضع، بحيث يريد ألا يظهر أمام إخوانه الفقراء إذا كان مثلاً أكثر الحي فقراء فيحب ألا يظهر أمامهم على وجه تنكسر قلوبهم فهذا يكون خيراً، وفيه ورد الحديث في ثواب مَن ترك أعلى اللباس تواضعاً، أفهمتَ الآن؟ السائل: نعم بالنسبة للخروج يا شيخ! الشيخ: يعني: إلى الأسواق؟ السائل: ينبغي ألا تخرج بناءً على العرف السائد.

الشيخ: لا، أما خروج المرأة فلا شك أن العرف والحياء والشيمة والدين كلها تقتضي أن تكون المرأة في بيتها، وبيوتهن خير لهن، هذا عام، ولا تخرج إلا لحاجة؛ وذلك أن المرأة وإن كانت خرجت غير متطيبة وغير متبرجة وهي نزيهة وسليمة وعفيفة تُبْتَلى، يوجد في الأسواق فسَّاق ليس لهم هم إلا ملاحقة النساء والعياذ بالله، ومغازلتهن، وإلقاء الأوراق وأرقام الهواتف عليهن، وما أشبه ذلك، مع أنهن نزيهات، فلهذا نقول: خير مكان للمرأة أن تبقى في بيتها، وهي في الواقع مسئولة عن نفسها، ووليها أيضاً مسئول عنها، حتى كثير من الرجال -نسأل الله لنا ولهم الهداية- قد أطلقوا العنان للنساء، تخرج المرأة متى شاءت، تتسكع في الأسواق وفي المتاجر ولا يبالي ولا يسأل، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على أداء الأمانة.