للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفصيل حكم البيع بالتقسيط]

فضيلة الشيخ! قمت أنا وشخص آخر بدفع مبلغ من المال قدره: ثلاثمائة ألف ريال ونقوم بشراء سيارات جديدة ونضعها في معرض وبعد ذلك إذا جاءنا المشتري نبيعها بالتقسيط، سمعنا من أهل البلدة التي نسكن فيها أنهم عملوا نفس العمل، وأنهم استفتوك، وأنك ما أجزت الشيء هذا؟

نعم، أولاً: بارك الله فيك! بيع التقسيط تارة يأتي إليك الإنسان يقول: أنا أريد سيارة، فتقول: ما عندي سيارات، اذهب إلى المعرض واختَر أي سيارة وأنا أشتريها باسمي وأنقل النقود إلى المعرض، ثم أبيعها عليك مقسطة بثمن زائد، فهمتَ هذه؟ هذه حرام، لا إشكال فيها: أولاً: لأن الدائن باع ما لا يملك.

ثانياً: أنه لم يشترِ هذه السيارة إلا من أجل الربا، وهو أن يبيعها له بثمن زائد، ولولا الربا ما اشتراها، لو جاء وقال: جزاك الله خيراً، سلفني واشترِ السيارة لي، وأنا أعطيك لاحقاً، ما رضي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) هذه واحدة.

ثانياً: يكون عند الإنسان السيارات موجودة داخلة في ملكه، وقد اشتراها شراء صحيحاً، يأتي إليه ناس يقولون: نريد منك أن تبيع لنا بالتقسيط، هذه لها ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أنه يريد أن يشتري بالتقسيط سيارة ليستعملها، إما لنفسه وإما للأجرة، هذا جائز ولا إشكال فيه.

ثانياً: يشتري السيارة بالتقسيط ليذهب إلى بلد آخر يبيعها بأكثر.

المدين الذي احتاج السيارة يقول: إنا سأشتري منك السيارة هذه بالتقسيط بخمسين ألفاً! وهي تساوي أربعين ألفاً، فيأخذها منه ثم يذهب ليبيعها في بلد آخر السعر فيه أكثر، يبيعها بخمسين نقداً، هذا أيضاً لا بأس به؛ لأن هذا نوع من التجارة.

الثالث، أو الصورة الثالثة: أن يشتريها منك من أجل الدراهم، دراهمها فقط، يشتريها منك ويذهب فوراً ليبيعها، ربَّحت أو خسَّرت؛ لأنه لا يريد إلا الدراهم، هذه المسألة تسمى عند العلماء مسألة التورك؛ فمن العلماء من قال: تجوز للحاجة، الإنسان إذا احتاج لزواج أو لبناء بيت أو ما أشبه ذلك، لا بأس.

ومن العلماء من قال: لا تجوز مطلقاً، وممن قال: لا تجوز مطلقاً: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال: مسألة التورك هذه حيلة؛ لأن المشتري بدلاً من أن يقول أعطني دراهماً أربعين ألفاً خمسين ألفاً إلى سنة يقول: بِعْ عليَّ هذه السيارة وهو يعرف هو والبائع أيضاً أنه لا يريد إلا الدراهم، فيقول شيخ الإسلام: (إنما الأعمال بالنيات) .

لكن عندي أنا في الصورة الثالثة هذه تفصيل، وأن الإنسان إذا اضطر إلى ذلك ولم يجد من يقرضه، يعني: من يسلفه، ولم يجد من يبيع عليه سَلَماً فلا بأس، أفهمتَ الآن؟ السائل: نعم؛ لكن يا شيخ! نحن نشتري وندفع المال سواء نقداً أو شيكاً، ونضع السيارة في المعرض، هل نستمر أم نتوقف؟! الشيخ: طَيِّبٌ! تضعها في المعرض، أنا أجيء أشتري منك؟ السائل: أي شخص مثلاً له رغبة في الشراء والبيع وأنا لا أدري هل هو يريد أن يبيعها أم يريدها لنفسه، فما العمل؟ الشيخ: لكن إذا علمتَ أنه إنما أراد أن يشتريها منك لأجل أن يبيعها فوراً من أجل الدراهم، فلا تبع له لكن إذا جاءك إنسان لا تدري هل يريد أن يكدها أم يريد أن يتجر بها في مكان آخر، أم يريد أن يبيعها الآن ويأخذ قروشها، فلا بأس بأن تبيع له، لكن تعرف أن هذا الرجل فقير ما راح يتكسب؛ ولكن يريد يأخذها منك ويبيعها مباشرة، هذا لا شك أن الورع ترك هذه المعاملة.

السائل: طَيِّبٌ! نتركها يا شيخ! نترك عملية التقسيط هذه كلها؟ الشيخ: لا، لا، إذا جاءك إنسان محتاج لسيارة، ليعمل بها، أو يذهب بها لعمله، لمدرسته، لسفره أو إنسان يريد أن يترزق الله عليها، هذا بِع له فلا مانع.

السائل: أغلب المشترين يشترون من أجل الورق؟ الشيخ: إذا كان أغلب المشترين هكذا فأنا أشير عليك أن تتركه، لهذا اتركه.