للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (واستمع يوم يناد المنادي من مكان قريب)

قال تعالى: {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} [ق:٤١-٤٢] :- أي: انتظر لهذا النداء الذي يكون عند النفخ في الصور، وحشر الناس.

{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ} : أي: اليوم، يوم الخروج من القبور.

{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ} .

{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} [ق:٤٣] :- إنا -يقول الله عن نفسه- (إنا نحن) تعظيماً لها.

{نُحْيِي وَنُمِيتُ} : أي: نحيي بعد الموت ونميت بعد الحياة، فهو سبحانه قادر على الإحياء بعد الموت وعلى الموت بعد الإحياء.

{وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ} أي: المرجع.

{يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً} [ق:٤٤] أي: مصيرهم إلينا في ذلك الوقت.

{تَشَقَّقُ الأَرْضُ} أي: تتفتح.

{عَنْهُمْ} أي: عن هؤلاء في قبورهم، تتشقق كما تتشقق الأرض عند طلوع النبات.

{سِرَاعاً} أي: يأتون سراعاً إلى المحشر.

{ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [ق:٤٤] :- أي: سهل علينا؛ لأن الله تعالى يقول في كتابه: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ} [الصافات:١٩] .

نعم، يقول في كتابه: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات:١٣-١٤] .

ويقول: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:٥٣] .

وهذا يدل على يُسْر ذلك على الله عز وجل.

{نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ} [ق:٤٥] :- وهذا وعيد لهؤلاء الذين يقولون في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما يقولون، أخبر الله هنا أنه لا يخفى عليه حالهم وأنه يعلم ما يقولون.

ثم قال: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق:٤٥] :- أي: لستَ عليهم بذي جبروت، فتجبرهم على أن يسلموا ويؤمنوا بك، ولهذا قال في آية أخرى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس:٩٩] .

{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق:٤٥] :- أي: عِظْ بالقرآن الكريم {مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} أي: من يخاف وعيدي بالعذاب؛ لأن هؤلاء هم الذين ينتفعون بالتذكر في القرآن، القرآن يُذَكَّر به جميع الناس، لكن لا ينتفع به إلا من يخاف الله عز وجل.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من المتذكرين لكتابه المتعظين بآياته.