للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطر التعميم في محاربة العلم الموروث]

فضيلة الشيخ! هناك الآن كثير من الندوات والمحاضرات تلقى وأغلبها في الخارج حقيقة تركِّز على ما يسمى كسر أغلال العلم الموروث، ونقد موسَّع دون تفصيل في هذا الأمر، يأخذون بعض الأمور مثل وجود إسرائيليات أو وجود مثل هذا في بعض ما نُقل عن السلف رحمهم الله ويعممون على الإطلاق، يقولون: إن هذا العلم الموروث هو أغلال أمام التقدم الحضاري، وعندنا الآن مشروع حضاري كبير يجب أن نتقدم، ونلحق الركب، وهكذا، فهل من توضيح لهذه المسألة؟

لا شك أن العلم الموروث إن قصدوا به التعميم فمقتضى تعميهم هذا أن ننبذ كتاب الله وراء ظهورنا، وأن ننبذ ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورنا، لأنه كله علم موروث، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (العلماء ورثة الأنبياء) إذا كانوا يريدون هذا، فلا شك أنهم -إن لم نقل: إنهم خارجون من الإسلام مرتدون عنه- فهم إلى ذلك أقرب من الإيمان، {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ} [آل عمران:١٦٧] .

وإن أرادوا ما وُرث عن بني إسرائيل من القصص التي يكذبها حال مَن نسبت إليه فهذا حق ونحن معهم، مثلاً من قال: إن قصة داود عليه الصلاة والسلام في قوله: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص:٢١] إن داود عليه الصلاة والسلام عشق امرأة أحد الجنود وأنه أمره أن يذهب ليقاتل لعله يُقْتَل فيأخذ امرأته، هذا لا شك أنه كذب، ولا يليق بداوُد عليه الصلاة والسلام، فهو من بني إسرائيل، التي يجب علينا أن نقطع بكذبها، و {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} [ص:٢٣] أي: امرأة، هذا أيضاً كذب لا شك.

فمثل هذه القصص نكذبها، ومثل قصة سليمان وأن الجني أخذ خاتمه، وما أشبه ذلك، كل هذا نكذبه، ونحن معهم في نبذه.

وأما الحق الموروث فإننا ننبذ من ينبذه، نعم.