للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبب تخصيص الله للبنين في قوله تعالى: (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ)

في قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} [نوح:١٠-١٢] .

قوله تعالى: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} في قوله: {وَبَنِينَ} هل هذه النعمة تستلزم صلاح الذرية؟

هو أن نوح عليه الصلاة والسلام وعد قومه أنهم إن استغفروا الله أرسل عليهم السماء مدراراً، وأمدهم بأموال وبنين، وجعل لهم جنات وجعل لهم أنهاراً، وإنما خص هنا البنين دون البنات؛ لأن غالب ما يفتخر به الناس هم الأبناء، دون البنات، والنسل إذا جاء فإنما ينسب إلى الأجداد من جهة البنين لا من جهة البنات، فلهذا قال: {وَبَنِينَ} ولا يلزم من هذا أن يكونوا كافرين أو مؤمنين، المهم أن ظاهر ما تريده نفوسهم المال والبنين والبساتين وغيرها {وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} .

ولكن هنا سؤال، يقال: هل إذا أراد الإنسان بالعمل ثواب الدنيا والآخرة، بمعنى أنه عمل عملاً صالحاً واستغفر ربه ليمده الله عز وجل بما ذكر نوح عليه الصلاة والسلام مع رجاء ثواب الآخرة، هل ينقص هذا من أجره؟ الجواب: لا ينقص؛ لأنه لو كان ينقص من الأجر لكان الله تعالى لم يرغب عباده بذلك، لكن لا شك أن هذه الأشياء تحمل الإنسان على التقدم بالعمل الصالح، ومن ذلك التطبيق الفعلي للرسول عليه الصلاة والسلام حيث كان يجعل للقاتل المجاهد في سبيل الله سلب القتيل أي: إذا قتل رجلاً من الكفار يكون له سلبه وهو: ما عليه من الثياب، وما أشبه ذلك، لكن لا شك أن الإنسان يجب عليه أن يغلب جانب الآخرة على جانب الدنيا، وجانب الدنيا ما هو إلا حافز فقط.