للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (للطاغين مآباً)

هذه النار يقول الله عز وجل إنها: {لِلْطَّاغِينَ مَآباً} [النبأ:٢٢] والطاغين جمع طاغٍ، وهو الذي تجاوز الحد؛ لأن الطغيان: مجاوزة الحد، كما قال الله تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [الحاقة:١١] أي: زاد وتجاوز حده.

وتجاوز الحد يكون في حقوق الله وفي حقوق العباد، أما في حقوق الله عز وجل فإنه التفريط في الواجب أو التعدي في المحرم، وأما الطغيان في حقوق الآدميين، فهو العدوان عليهم في أموالهم ودمائهم وأعراضهم، هذه الثلاثة التي حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلن تحريمها في حجة الوداع في عدة مواضع، فقال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام) فالطغاة في حقوق الله وفي حقوق العباد هم أهل النار -والعياذ بالله-، ولهذا قال: {لِلْطَّاغِينَ مَآباً} [النبأ:٢٢] أي: مكان أوب، والأوب في الأصل الرجوع، كما قال تعالى: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص:٣٠] أي: رجَّاع إلى الله عز وجل.