للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم جلسة الاستراحة]

فضيلة الشيخ! هل جلسة الاستراحة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة؟

ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: (أنه إذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً) الوتر من صلاته: الركعة الأولى، والركعة الثالثة، لم ينهض حتى يستوي قاعداً ويستقر، روى ذلك عنه مالك بن الحويرث، وكان مالك ممن قدم مع الوفود في السنة التاسعة من الهجرة، وفي تلك السنة -والله أعلم- قد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم الضعف، فكان يجلس لأجل أن ينهض، ولهذا كان في نفس الحديث أنه كان يتكئ على يديه، مما يدل على أنه محتاجٌ إليه، والعلماء اختلفوا فيه على أقوالٍ ثلاثة: القول الأول: أنها سنة في حق القوي والضعيف؛ لأن هذا آخر الأمرين من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

والقول الثاني: أنها ليست بسنة لا للقوي ولا للضعيف، وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما فعلها للراحة فقط.

والقول الثالث: الوسط، نقول: من كان يستطيع أن ينهض بدونها فهو الأفضل، ومن لا يستطيع إما لكبر أو ضعف أو مرض أو غير ذلك فليرح نفسه؛ لأن الإنسان مأمور بالراحة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ عبد الله بن عمرو بن العاص لما قال: أقوم الليل كله، قال: ثم نم.

فالله عز وجل يأجر الإنسان على طلب راحة بدنه، يعني: كونك تطلب راحة البدن أنت مأمور بهذا ولك أجر، فإذا كان الإنسان محتاجاً إليها لمرض أو كبر أو غير ذلك فإنه يجلس، لكن ليس كالجلسة التي كوقوع الطير على الغصن؛ ينهض سريعاً، إنما جلسة يستريح فيها بعض الشيء، ثم ينهض، هذا حكم الجلسة من حيث هي.

أما بالنسبة للمأموم، فالمأموم تابعٌ لإمامه إن جلس فالسنة أن يجلس، وإن لم يجلس فالسنة ألا يجلس، حتى وإن كان المأموم يرى أن الجلسة سنة فإن الإمام إذا كان لا يجلس فلا يجلس المأموم؛ تحقيقاً للمتابعة، ولهذا أمر المأموم أن يترك التشهد الأول وهو واجب إذا نسيه الإمام.

والقول الصحيح هو التفصيل في هذا: أن من احتاجها وصار يشق عليه أن يقوم من السجود إلى القيام فهنا ينبغي أن يريح نفسه، ومن لا فالأفضل أن ينهض بنشاط.

وإلى هنا انتهى هذا اللقاء، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.