للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ولقد رآه نزلة أخرى)]

انتبهوا لهذه النكتة العظيمة وأعني بالنكتة يعني: الحكمة البالغة؛ حيث تكون تعبيرات القرآن الكريم إذا عبر بخلاف ما يتوقع فلابد أن يكون هناك عبرة تظهر للمتأمل، {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم:١٢-١٣] رآه الفاعل: محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والمفعول به: جبريل، أي: رأى محمدٌ جبريل، (نزلة أخرى) أي: مرة أخرى حين نزل، فما هي المرة الأولى؟ المرة الأولى رأى الرسول عليه الصلاة والسلام جبريل وهو في غار حراء، رآه على خلقته التي خُلق عليها، أتدرون كيف رآه؟!! رآه وله ستمائة جناح قد سد الأفق، وهذا يدل على عظمته، كل الأفق الذي حول الرسول عليه الصلاة والسلام في حراء انسد من أجنحة هذا الملك الكريم، ولهذا وصفه الله بأنه ذو قوة، {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} [التكوير:٢٠] وبأنه ذو مرة، أي: هيئة حسنة كما سبق في هذه السورة، فرآه مرة في الأرض ومرة في أفق السماء، في الأرض وهو في غار حراء، أما في السماء ففوق السماء، فتارة رآه من تحت السماء من فوق الأرض، وتارة من فوق السماء، ولهذا قال: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} نزلة أي: مرة أخرى.