للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة عامة لأفراد السكن العسكري]

أنا عسكري برتبة عريف، وأسكن في السكن العسكري، ويضم عدداً كبيراً من العسكر من مختلف الرتب من رقيب وأسفل، وفيهم المصلي والملتزم، وفيهم المصلي فقط، ومنهم عدد كبير تارك للصلاة والعياذ بالله، وأنا إذا أنكرت عليهم بالحكمة يقولون: جزاك الله خيراً، بسخرية ولا ينفع معهم، وأنا كما ذكرت عريف صلاحيتي محدودة في عقاب الذي لا يصلي، ولا أعاقب إلا من هو دوني في الرتبة، أما من هو أرفع مني في الرتبة العسكرية لا أستطيع أن أجازيه، وإذا نصحته ربما لا يأبه بالنصيحة، مع العلم بأن العسكري فيه من المعاصي ما الله به عليم، ولا أريد أن أذكر أنواع المعاصي التي تكون في السكن العسكري، ومع هذا الفساد هناك أناس صالحون يعدون على الأصابع منهم من هو صالح في نفسه ولا يدري ما يدور من حوله، ومنهم من يدري ولكن لا يحرك ذلك ساكناً في نفسه، ومنهم كما ذكرت إنكاره محدود، وعندنا قائد في السرية إنسان متهاون جداً في الصلاة، ولكنه يحب الصالحين وهو متناقض في أقواله وأعماله، مع أنه يحث على الصلاة ويهدد الناس الذين يرتكبون المعاصي ويتركون الصلاة بالفصل أو تحويلهم إلى الشئون الدينية، فماذا يجب عليَّ في ذلك جزاك الله خيراً؟

هذا السؤال الطويل وهو سؤال عن قرية كاملة؛ لأن المجمع السكني يجمع أناساً تختلف أفكارهم وأهواؤهم وأعمالهم وأقوالهم، والناصح إذا نصح فليس من شرط النصيحة تقبل المنصوح، أرأيت الله يقول لموسى وهارون: {اذْهَبْا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:٤٣-٤٤] فقاما بأعباء الرسالة، ولكن هل تذكر أو خشي؟ لا، فلا يشترط في النصيحة أن تكون مقبولة إذا قام الإنسان بما يجب عليه من النصيحة، فقد أدى ما عليه قبل من وجهت إليه فهذا له وللناصح، وإن لم يقبل فللناصح وعليه، ولكن مع ذلك لا أعفي الملازمين ومن تحتهم من أن يناصحوا من فوقهم، فإن رأوا منهم تقبلاً وإلا فليرفع الأمر إلى من فوقهم أيضاً، إما مباشرةً وإما بواسطة من يبلغ إلى المسئولين الذين فوقه؛ لأن تولي غير الصالح للصالحين عكس وانقلاب، إذ أن الواجب أن الصالح هو الذي يكون له الولاية، وليس معنى هذا أننا نريد أن يقفز من مرتبته إلى مرتبة الآخر، لكن نريد أن الذي فوقه إذا لم يصلح يغير إلى شخص آخر صالح، ومع هذا فإني أعتقد أن الصلاح -ولله الحمد- بدأ ينتشر في القطاعات العسكرية وغيرها، وأن من الناس من يجامل بالصلاح في أول مرة، ثم في النهاية يصلح صلاحاً خالصاً لله عز وجل، وأما اختلاف المسئولين الكبار من الرائدين ومن دونهم فإن هذا أمرٌ لا بد منه في الغالب، ولكن خيراً أن يقع من هذا الرجل إصلاح غيره وعقوبة من أساء، ولو كان هو أيضاً صالحاً في نفسه فهذا خير، ولعلَّ الله سبحانه وتعالى أن يمنَّ عليه بصلاح نفسه، كما يحاول هو إصلاح غيره.

فالخلاصة الآن: أنني أوصيك بالبقاء على النصيحة، وعقوبة من لك عقوبته، وإذا لم يتنصح من نصحته فإنه من الممكن أن ترفع الأمر إلى من فوقه إما مباشرة إن استطعت، وإما بواسطة غيرك إذا لم تستطع لا سيما إذا كانت معصيته خروجاً من الدين كالذي لا يصلي.

فإن الذي لا يصلي -لا شك عندي أنه- كافر مرتد خارج عن الإسلام (يحشر -كما قال النبي صلى الله عليه وسلم- مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف) .