للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب الإيمان بالغيب دون العلم بالكيف]

فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ونبهنا كثيراً على أن السائل إذا سأل لا يحتاج إلى تقديم السلام؛ لأنه جالس معنا، والسلام إنما يكون من القادم.

السؤال: يقول الله عز وجل: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران:١٣٣] فإذا كانت الجنة عرضها كعرض السماء والأرض فأين تكون النار؟

أولاً هذا السؤال غير وارد يا أخي! لم يورده إلا يهودي على الرسول عليه الصلاة والسلام، والمسلم لا يورد هذا السؤال، المسلم إذا أخبره الله بخبر يقول: آمنا وصدقنا ولا يعترض.

(عرضها السماوات والأرض) هل هو الآن أم فيما بعد؟ وإذا قدر أنه الآن فالجو واسع ما فوق السماوات فضاء لا يعلم مدى سعته إلا الله عز وجل.

فأولاً: يجب علينا -أيها الإخوة- أن ما أخبر الله به من أمور الغيب أن نقول: آمنا وصدقنا، ولا نورد إيرادات؛ لأن الأمر فوق مستوى عقولنا، وهذه قاعدة في أمور الغيب المتعلقة بالله عز وجل أو بمخلوقاته، أليس الناس في يوم القيامة في صعيدٍ واحد؟ بلى.

في صعيدٍ واحد، بعضهم يلجمه العرق حتى يصل إلى فمه، وبعضهم إلى كعبيه وهم في مكانٍ واحد، هل يقول قائل: كيف يصير هذا، أم يقول: آمنا وصدقنا؟ يقول: آمنا وصدقنا، فأمور الغيب أوسع من عقولنا -يا رجل- لا يصح أن تورد مثل هذا الإيراد على أمور الغيب، أمور الغيب إذا صحت في القرآن والسنة فما موقفنا منها إلا السمع والإيمان والتصديق.

أما هذا اليهودي الذي أورد هذا على الرسول فقد قال له: (أين الليل إذا ذهب النهار؟) فأبطل حجته بأمرٍ محسوس.

فعلى كل حال: النصيحة أكبر من هذا السؤال، وهي أن أمور الغيب لا يمكن أن يجرى عليها كلمة (لم) أبداً، ولا كلمة: (كيف) لأن الأمر فوق عقولنا، وما أنت أيها الإنسان! هل أحصيت علم كل شيء؟ أبداً، إذا ما بقي عليك إلا هذه المسألة من العلوم، تلك الساعة نتعب ونبحث عن المخرج، ولهذا لما سألوا الرسول عن الروح ماذا قال الله لهم؟ قال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء:٨٥] أمر ما تستطيعون أن تدركوه، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء:٨٥] سبحان الله! يعني: هل عثرتم على كل العلوم إلا علم الروح؟!! أكثر العلوم فاتتكم {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} [الإسراء:٨٥] وهذا عجب! روحك التي بين جنبيك والتي لا قوام لك إلا بها لا تدري ما هي؟! نحن لا نعلم من الروح إلا ما جاءت به النصوص في القرآن والسنة وإلا فلا ندري.