للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تأخير طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وأحوال ذلك]

مسألة: لو أنه أخر طواف الإفاضة وطافه عند الوداع، فهل يجزئ؟

نعم.

يجزئ لكن هنا ثلاثة أحوال: ١- إما أن ينوي به طواف الوداع فقط.

٢- أو طواف الإفاضة فقط.

٣- أو ينويهما جميعاً.

إن نوى طواف الوداع فقط لم يجزئ عن طواف الإفاضة؛ لأن طواف الوداع واجب وطواف الإفاضة ركن، بل إن طواف الوداع سنة عند كثيرٍ من العلماء وطواف الإفاضة ركن، وإن نوى طواف الإفاضة فقد أجزأ عن الوداع؛ لأنه أعلى منه، ولأن المقصود بطواف الوداع أن يكون آخر عهده بالبيت وقد حصل، فيجزئه طواف الإفاضة عن طواف الوداع كما تجزئ الفريضة في المسجد عن تحية المسجد.

الحالة الثالثة: نواهما جميعاً هل يجوز أم لا يجوز؟ الجواب: يجوز، إن نواهما جميعاً جاز، لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى) ، لكن يبقى إشكال: السعي لأن طواف الإفاضة بعده سعي ماذا يصنع به؟ نقول: لنا في ذلك جوابان: الجواب الأول: أن يبدأ بالسعي أولاً ويؤخر الطواف، هذا واحد، وهذا أضعف الجوابين.

الثاني: أن نقول: يطوف ويسعى، ولا يضره الفصل بالسعي؛ لأن السعي في الحقيقة تابع للطواف؛ ولأن عائشة رضي الله عنها لما أتت بالعمرة ليلة السفر فإنها طافت وسعت وقصرت وخرجت، ولم ينقل عنها أنها طافت للوداع بعد سعيها، فدل هذا على أن السعي لا يضر إذا فصل بين الطواف وبين الخروج والسفر.

وإنني أوصي إخواني المسلمين: أن يحرصوا على تعظيم شعائر الله، وعلى فعل الحج على صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم بقدر المستطاع، وأن يتجنبوا ما حرم الله عليهم في الإحرام وغير الإحرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خذوا عني مناسككم) ، وقال الله تبارك وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:٢١] .

وأسأل الله لنا ولكم حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وسعياً مشكوراً.