للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر)]

ثم قال عز وجل: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} [القمر:٦] وإلى هنا ينتهي الكلام، (تول) الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أن يتولى عن هؤلاء لأنهم معاندون مستكبرون، (وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) .

{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} [القمر:٥-٦] سوف يأتيهم ما وعدوا به وسوف يتحقق لك ما وعدت به، ويحسن هنا أن تقف: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ} ثم تستأنف وتقول: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} لأنك لو وصلت لأوهم أن التولي يكون يوم يدعو الداعي، ومعلوم أن التولي في الدنيا وليس يوم يدعو الداعي.

وقوله: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} هو ظرف، والظرف لابد له من عامل كالجار والمجرور، وكجميع المفعولات لابد لها من عامل، فما هو العامل في قوله: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} [المعارج:٤٣] ؟ العامل قوله: (يَخْرُجُونَ) .

{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ} [القمر:٦-٧] فهي متعلقة بـ (يخرجون) أي: سوف يأتيهم العذاب في ذلك الوقت: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ} .

وقوله: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ} هو داعٍ يوم القيامة، (إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ) أي: منكر عظيم لشده أهواله، فإنه لا شيء أنكر على النفوس من ذلك اليوم لأنهم لم يشاهدوا له نظيراً.