للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (متكئين على فرش بطائنها من استبرق وجنى الجنتين دان)]

قال تعالى: مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} [الرحمن:٥٤] أي: يتنعمون بهذه الفاكهة حال كونهم متكئين، وعلى هذا فكلمة (متكئين) تكون حالاً من فاعل الفعل المحذوف، أي: يتنعمون أو يتفكهون متكئين، والاتكاء قيل: إنه هو التربع؛ لأن الإنسان أريح ما يكون إذا كان متربعاً، وقيل: متكئين، أي: معتمدين على مساند من اليمين والشمال ووراء الظهر، (على فرش) أي: جالسين على فرش (بطائنها من إستبرق) أي: بطانة الفراش وهو ما يحابيه الفراش (من إستبرق) وهو غليظ الديباج، وأما أعلى هذه الفرش فهو من سندس، وهو رقيق الديباج، وكله من الحرير.

قال تعالى: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:٥٤] تأمل أو تصور هذه الحالة! إنسان متكئ مطمئن مستريح، يريد أن يتفكه من هذه الفواكه هل يقوم من مكانه الذي هو مستقرٌ فيه متكئ ليتناول الثمرة؟ لا، بيَّن الله ذلك بقوله: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:٥٤] قال أهل العلم: إنه كلما نظر إلى ثمرة وهو يشتهيها أنهرع الغصن حتى كانت الثمرة بين يديه، لا يحتاج إلى تعب أو قيام، بل هو متكئ ينظر إلى الثمرة مشتهياً إياها، فتدلى له بأمر الله عز وجل مع أنها جماد، لكن الله تعالى أعطاها إحساساً بأن تتدلى عليه إذا اشتهاها، ولا تستغرب الآن كل الأشجار في الغالب تستقبل الشمس! انظر إلى وجوه الأوراق في أول النهار تجدها متجهةً إلى المشرق، في آخر النهار تتجه إلى المغرب، فيها إحساس، كذلك أيضاً: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} [الرحمن:٥٤] قريب، يحس إذا نظر إليه الرجل أو المرأة فإنه يتدلى حتى يكون بين يديه.

قال تعالى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:٥٥] .