للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (ثم استوى على العرش)]

قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الحديد:٤] (استوى) أي: علا عليه, على وجه يليق بجلاله, لا يمكن أن نمثله بخلقه؛ لأن الله ليس كمثله شيء, والعرش مخلوق عظيم, لا يعلم قدره إلا الذي خلقه عز وجل, وقد جاء في الحديث: (إن السماوات السبع والأرضين السبع في الكرسي كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض) الحلقة: حلقة الدرع المكون من حلق الحديد: (وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة) إذاً: لا يعلم قدره إلا الله عز وجل, وليس لنا أن نسأل: ما مادة هذا الكرسي؛ من ذهب أو من فضة، أم لؤلؤ؟ ليس لنا حق أن نتكلم في هذا, هو عرش عظيم كما وصفه الله: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:١٢٩] {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج:١٥] عرش عظيم جداً جداً، لا يعلم قدره إلا الله, استوى الله عليه لكمال سلطانه جل وعلا, قد تجدون في بعض الكتب: (استوى على العرش) أي: استولى عليه, أهكذا تجدون؟ الذي اطلع منكم على بعض كتب الأشعرية وما أشبههم يرى هذا, وهذا تحريف للكلم عن مواضعه, وقول على الله بلا حق وبلا علم؛ لأنه إذا كان خلق السماوات والأرض ثم استوى العرش قلنا: استولى على العرش, قبل الاستيلاء لمن العرش؟! انظر إلى بطلان هذا, ثم نقول: الله استولى على كل شيء, هل نقول: استولى على الأرض؟ لا يمكن أن نقول هذا, إذاً: يتعين أن تكون (استوى) بمعنى علا, كيف استوى؟ لا ندري، الله أعلم.