للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (عرضها كعرض السماء والأرض)]

قال تعالى: {كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد:٢١] وفي سورة آل عمران: {عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران:١٣٣] ولا منافاة؛ لأن الأول عرضها كعرض السماء تشبيه، والثاني: عرضها السماوات والأرض أيضاً تشبيه؛ لكن يسميه أهل البلاغة تشبيهاً بليغاً.

{كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} من يستطيع أن يقدر عرض السماء والأرض؟ لا أحد يستطيع، السماوات بسعتها، فالسماء الدنيا واسعة جداً، كم بينها وبين الأرض من المسافة؟ وهي محيطة بها، والسماء الثانية فوقها وهي أوسع منها، والثالثة أوسع وهلم جراً، إلى أن تصل إلى الكرسي، والكرسي يقول عنه النبي عليه الصلاة والسلام: (ما السماوات السبع، والأرضين السبع في الكرسي إلا كحلقة ألقيت في فلاة من الأرض) حلقة المغفر ليست هي حلقة الباب الكبيرة، إنما هي حلقة المغفر، وهي صغيرة، أقصد حلقة الدرع صغيرة جداً، ألقها في فلاة من الأرض ماذا تكون بالنسبة للفلاة؟ لا شيء.

وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على هذه الحلقة) فمن يستطيع أن يدرك عرض السماوات والأرض؟ لا أحد يستطيع، الجنة عرضها كعرض السماء والأرض، ولذلك كان أقل أهل الجنة منزلة: من ينظر إلى ملكه مسافة ألفين سنة، ينظر أقصاه كما ينظر أدناه، وإنما ذكر الله تعالى أن عرضها عرض السماوات والأرض؛ من أجل أن نحرص على ملء هذه الأرض -أرض الجنة- وفي الحديث أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) فاحرص يا أخي على أن تملأ ما تستحقه من هذه الجنة بذكر الله، وتلاوة كتابه، وغير ذلك مما يقرب إلى الله.

لمن هذه الجنة التي عرضها كعرض السماوات والأرض؟