للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف الصيام ومفطراته]

ما هو الصيام الذي يشترط لوجوبه تلك الشروط السابقة؟ الصيام: هو التعبد لله عز وجل بترك المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، أي: من حين أن يتبين طلوع الفجر إلى أن تغرب الشمس، تعبداً لله عز وجل لا حرمة عن الأكل والشرب ولا عادة تجري على الإنسان، لابد من قيد: التعبد لله عز وجل.

والمفطرات: الأكل والشرب والجماع، وهذا ذكرت في القرآن في مكان واحد، قال تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة:١٨٧] هذه ثلاث ذكرت في موضع واحد في القرآن الكريم.

الرابع: الحجامة إذا ظهر الدم، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) .

الخامس: القيء إذا تعمده لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمداً فليقض) هذه خمسة أشياء منصوص عليها، ثلاثة في القرآن واثنان في السنة.

هل هناك شيء يفطر سوى هذه؟

أما النص فلا نعلم شيئاً يفطر بالنص سوى هذه، أما بالقياس فنعم، فمثلاً الأكل والشرب يقاس عليهما الحقن التي تحقن في المريض عوضاً عن الأكل والشرب، وهي ما يعبر عنه: بالإبر المغذية، فهذه تفطر؛ لأنها بمعنى الأكل والشرب، والقاعدة العامة في الشريعة الإسلامية: ألا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين متفرقين.

أما الإبر التي ليست للتغذية كإبر العلاج والتنشيط، هذه الإبر التي للعلاج لا تفطر سواء أخذت مع العضلات أو مع الوريد أو مع أي مكان، لأننا نقول: إنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب، وإذا لم تكن أكلاً ولا شرباً ولا بمعنى الأكل والشرب فلا يمكن أن نفسد عبادة خلق الله بدون دليل شرعي، لأننا مسئولون عما نحل وعما نحرم، فالمعنى: أننا إذا قلنا: هذا حلال فإننا سنسأل عنه يوم القيامة ما الدليل؟ وإذا قلنا هذا حرام سنسأل عنه يوم القيامة، وإذا شككنا في الشيء هل هو مفطر أو غير مفطر فما الواجب؟ أن يكون غير مفطر؛ لأن العبادة ثبتت بدليل شرعي، فلابد من دليل شرعي يدل على أنه يفطر.

كذلك أيضاً مما يفطر: إنزال المني بشهوة بفعل العبد، أي: بفعل من الإنسان، مثل: أن يستمني بيده، أو يباشر زوجته حتى ينزل، أو ما أشبه ذلك، فأما إذا أنزل بمجرد التفكير فإنه لا يفسد صومه إذا لم يمس ذكره لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم) قد يعترض معترض ويقول: ما هو الدليل على أن إنزال المني بشهوة يفسد الصوم؟ فجوابنا على هذا أن نقول: إنه جاء في الحديث القدسي أن الله قال في الصائم: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) والإنزال شهوة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له أجر؟ قال: نعم.

أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر، فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) .

وعلى هذا تكون المفطرات سبعة: الأكل، والشرب، والجماع، والحجامة، والقي، وما في معنى الأكل والشرب، والإنزال بفعل من العبد.