للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استقرار الإجماع على تحريم الدخان]

هل يوجد خلاف في حكم التدخين أنه حرام أو مكروه، وهل الخلاف يراعى بالإنكار إذا دخن الإنسان في المجلس أو يأتي ويدخن في المجلس هل يطرد من المجلس؟

الدخان أول ما خرج اختلف فيه العلماء كسائر الأشياء الجديدة، اختلفوا فيها على أقوال متعددة، لكن في الوقت الحاضر تبين للعلماء من قواعد الشريعة: أنه حرام بلا إشكال، ولا يقول قائل: إنه حرام على من يضره حلال لمن لا يضره، لأن هذا قياس لا يمكن ضبطه، في بعض الأطعمة تحل لشخص وتحرم على الآخر، لو قيل لرجل مصاب بالداء السكري: لا تأكل التمر ولا الحلوى، صار التمر والحلوى حرام عليه، لأنها تضره ووجب عليه اجتنابها وهي حلال للآخرين، فالدخان لا يقول قائل: إننا نجد أناساً يشربونه ولا يتضررون به.

نقول: نعم قد يكون في أجسامهم مناعة ولكن على المدى الطويل سوف يتضررون به، ولا عبرة بالنادر العبرة بالغالب والغالب الآن باتفاق الأطباء واتفاق الأمم التي يقولون إنها حضارية أنه مضر للفرد والمجتمع.

ولهذا كان في أمريكا وهي الدولة المتقدمة يمنعون شرب الدخان في المجامع وفي الأسواق وفي الطائرات، حتى حدثني بعض إخواننا الذين يذهبون في الطائرات إلى أمريكا: أنهم إذا حاذوا الأجواء إلى أمريكا -وأعني بذلك الولايات المتحدة - إذا حاذوها أعلنوا منع الدخان في الطائرة، فعلى هذا نقول: إنه حرام بلا إشكال، والخلاف السابق إنما كان مبنياً على عدم ظهور أسباب التحريم، هذا بالنسبة لحكمه.

فلا يجوز بيعه ولا شراؤه ولا تأجير الدكاكين لمن يبيعه، ولا حمله ولا استيراده ولا شربه.

أما من دخل إلى مجلس وأراد أن يشرب فلأهل المجلس أن يمنعوه بالقوة؛ لأنهم عدد وهو واحد، ولا يحل له هو أن يشرب أمامهم فيؤذيهم فيكون حراماً على هذا الداخل من وجهين: الوجه الأول: أنه محرم شرعاً في كل وقت.

والوجه الثاني: أنه حرام لأذية أهل المجلس.

ولهم أن يطردوه عن المجلس بالقوة، إلا أن ينتهي إذا قيل له: لا تشرب، فهذا يحصل منه المقصود.