للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها)

يخاطب الله سبحانه وتعالى عباده يقول: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا} [النازعات:٢٧] وأراد بهذا الاستفهام تقرير إمكان البعث؛ لأن المشركين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم بالبعث، وقالوا: {مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:٧٨] ؟ فيقول الله عز وجل: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ} [النازعات:٢٧] والجواب معلوم لكل أحد أن السماء أشد خلقاً، كما قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:٥٧] .

(بناها) هذه الجملة لا تتعلق بالتي قبلها، ولهذا ينبغي للقارئ إذا قرأ أن يقف عند قوله: {أَمْ السَّمَاءُ} [النازعات:٢٧] ثم يستأنف فيقول: {بَنَاهَا} [النازعات:٢٧] فالجملة استئنافية لبيان عظمة السماء، (بناها) أي: بناها الله، وقد بين الله سبحانه وتعالى في آية أخرى في سورة الذاريات أنه بناها، فقال: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات:٤٧] أي بقوة {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات:٤٧] .