للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فإذا جاءت الطامة الكبرى)]

ولما ذكر الله عباده بهذه النعم الدالة على كمال قدرته، ذكرهم بمآلهم الحتمي الذي لا بد منه، فقال عز وجل: {فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى} [النازعات:٣٤] وذلك قيام الساعة، وسماها طامة؛ لأنها داهية عظيمة تطم كل شيء سبقها، (كبرى) أي: أكبر من كل طامة {فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى} [النازعات:٣٤-٣٥] بيان لهذا اليوم الذي تكون فيه الطامة الكبرى، وهو اليوم الذي يتذكر فيه الإنسان ما سعى، يتذكره، ويجده مكتوباً عنده يقرأه بنفسه، قال الله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:١٣-١٤] إذا قرأه تذكر ما سعى، أي: ما عمل، أما اليوم فإنا قد نسينا ما عملنا، عملنا أعمالاً كثيرة منها الصالح ومنها اللغو ومنها السيئ، لكن كل هذا نُسي، وفي يوم القيامة يُعرض علينا هذا في كتاب، ويقال: {اقْرَأْ كِتَابَكَ} [الإسراء:١٤] أنت بنفسك: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:١٤] فحينئذٍ يتذكر الإنسان ما سعى {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً} [النبأ:٤٠] .